الباب ويبكي.
فهو كما حكى لنا يوسف القواس (6) " كنا نمر إلى البغوي (7) والدارقطني صبي يمشي خلفنا، بيده رغيف وعليه كامخ (8)، فدخلنا إلى ابن منيع (9) ومنعناه، فقد فقعد على الباب ويبكي (10) ".
وكان من صغره موصوفا بالحفظ الباهر والفهم الثاقب، والبحر الزاخر (11) حضر في حداثته مجلس إسماعيل الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه وإسماعيل يملي، فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ، فقال الدارقطني: فهمي للاملاء أحسن من فهمك وأحضر، ثم قال له ذلك الرجل: أتحفظ كم أملى حديثا؟ فقال: إنه أملى ثمانية عشر حديثا إلى الان، والحديث الأول منها عن فلان، ثم ساقها كلها بأسانيدها وألفاظها لم يخرم منها شيئا، فتعجب الناس منه (12).
ودأب على طلب العلم حتى صار فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته في أسماء الرجال وأحوال الرواة وصناعة التعليل والجرح والتعديل وحسن التصنيف والتأليف، واتساع الرواية والاطلاع التام في الدراية، مع الصدق والأمانة، والفقه والعدالة، وقبول الشهادة، وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب (13).
ورسخ في معرفة الحديث وعلله حتى صار من أحسن من تكلم في الحديث وعلله (14)