يبتعد عن الإطالة وكثرة الاخبار، وهو لا يترجم إلا لهدف محدد هو خدمة الحديث، ليقوي سندا أو يضعفه، أو ليدفع المحدث ليتحمل مسؤولية البحث والنظر، وإذا تيسير أن يسوق إليك الحكم عن الرجل رواية، دفعها إليك في صدق وأمانة. بل إن الراوي قد يكون ضعيفا عنده. فيكتفي بقوله: فيه نظر.
يقول الحافظ ابن حجر: " للبخاري في كلامه عن الرجال توق زائد وتحر بليغ، يظهر من تأمل كلامه في الجرح والتعديل، فإن أكثر ما يقول: سكتوا عنه، فيه نظر، تركوه، ونحو ذلك، وقل أن يقول كذاب أو وضاع وإنما يقول: كذبه فلان، ورماه فلان، يعني بالكذب ".
ونقل عن البخاري أنه قال: " لا يكون لي خصم في الآخرة، فقال محدثه وراوي الخبر: إن بعض الناس ينقمون عليك التاريخ، يقولون فيه اغتياب الناس؟ فقال: إنما روينا ذلك رواية ولم نقله من عند أنفسنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بئس أخو العشيرة ".
ونقل عنه أيضا أنه قال: " ا اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة حرام ".
ونحن إذا استعرضنا مذاهب الأئمة في الجرح والتعديل، وجدنا البخاري معتدل المذهب دائما لا يميل إلى المتشددين المتعنتين ولا يجنح ناحية المتساهلين المفرطين.
وحسبك ما يؤكد الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح، من أن كان طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط:
فمن الأولى: شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه.