الأمانة الدينية والدقة العلمية التي حدث بالامام في كل ما نقل من أخبار الرجال أو حكم به عليهم من أحكام.
وليس كل الشيوخ كأستاذه علي بن المديني، عندما سئل عن أبيه في مجلس من مجالسه، فقال للسائلين: اسألوا غيري، فلما أبوا عليه إلا أن يسمعوا رأيه، قال في شجاعة أدبية نادرة: " أبي ضعيف ".
ثارت في النفوس من هذا الكتب أحقاد جاهلية، لقي الامام منها ما لا قي في كل بلد رحل إليها، كما أن مكانته العلمية، وشدة إقبال الناس على مجالسه قد أججت عليه أحقادا كثيرة.
وفي السنوات العشر الأخيرة من حياة الامام، ومنذ مقتل المتوكل سنة 247 ه، أفلت زمام العامة واضطربت الأمور في شتى أنحاء الخلافة، فكان الناس يستجيبون لكل صيحة، ويسارعون للمشاركة في كل فتنة، وكان الشيوخ الذين أصابوا عند الشعب مكانة وكلمة مسموعة يدركون هذا الضعف ويستغلونه في التهديد به، وتحريك جموع العامة وأحداث.
هل كان هذا هو الذي دفع بالامام البخاري إلى الاتجاه إلى نيسابور سنة 250 ه مبتعدا عن مراكز الفتن ومواطن الفساد؟
إن لم يكن هذا هو السبب الأساسي، ففي غالب الظن أنه من المشجعات التي دعت الامام إلى أن يقصد نيسابور ليقيم بها ويواصل