العلل - أحمد بن حنبل - ج ١ - الصفحة ٨١
يصابوا بأذى قليل ولا كثير بل خافوا في المستقبل وتخاذلوا ولذلك كان يلتمس العذر لسجادة والقواريري، دون غيرهما.
قال المقريزي: وكان أبو عبد الله يقيم عذرهما ويقول: أليس قد حبسا وقيدا، قال الله تعالى: (إلا من أكره وقبله مطمئن بالايمان) قال أبو عبد الله: القيد كره والحبس كره والضرب كره، فأما إذا لم تنل بمكروه فلا عذر له (1).
ولم يكن يعذر أولئك الذين سارعوا في التقية ولما يصبهم الأذى في هذه السبيل.
روى ابن الجوزي بإسناده عن أبي بكر المروذي يقول: جاء يحيى بن معين فدخل على أحمد بن حنبل وهو مريض، فسلم فلم يرد عليه السلام، وكان أحمد قد حلف بالعهد أن لا يكلم أحدا ممن أجاب حتى يلقى الله عز وجل، فما زال يحيى يعتذر ويقول: حديث عمار، وقال الله تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان فقلت أحمد وجهه إلى الجانب الاخر، فقال يحيى: أف وقام، وقال: لا يقبل لنا عذرا، فخرجت بعده وهو جالس على الباب، فقال: أي شئ قال أحمد بعدي؟ قلت: قال: يحتج بحديث عمار، وحديث عمار مررت وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني، وأنتم قيل لكم نريد أن نضربكم، فسمعت يحيى يقول: مر يا أحمد غفر الله لك، فما رأيت والله تحت أديم سماء الله، أفقد في دين الله منك (2).
وقد أجاب في المحنة خوفا من الأذى والقتل على ابن المديني رحمه الله أيضا ولم يقتصر إلى حد الإجابة بل تقرب منهم وأراد إرضاء ابن أبي دؤاد بترك الرواية عن الامام وكان يأمر الناس بالضرب على أحاديثه.

(1) أنظر مفاتيح الفقه الحنبلي 1: 242.
(2) مناقب ابن الجوزي 389.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»