العلل - أحمد بن حنبل - ج ١ - الصفحة ٨٤
والحق أن هجر الامام للمحبين في المحنة لم يكن إلا تأديبا وتشنيعا لفعلهم، ولم يكن تجريحا في عدالتهم بحال. وعلى هذا الامر نفسه تحمل تركه الرواية عن علي بن المديني وضربه على أحاديثه.
ويبدو لي أن ترك الرواية عن ابن المديني كان مؤقتا ثم روى عنه فيما بعد، وأوضح مثال لذلك نجد نصوصا كثيرة عنه رواها الامام في هذا الكتاب (العلل) كما نجد روايات كثيرة عنه في المسند.
فيمكن أن يكون ضرب على أحاديثه ثم أجازها، فرواها عنه تلامذته.
كما أننا نجد روايات كثيرة من زيارات عبد الله ورواياته في كتب أبيه وكتابه السنة عن ابن معين. ومعروف أن عبد الله لم يكن يكتب الحديث ولا يروي إلا عمن يرضى عنه أبوه ويأذن له في الاخذ عنه، ثم لا يتصور أن الامام عفا عن الذين تسببوا له في الايذاء تقليدا ثم يبقى غاضبا على من اختار التقية. نعم حيث إن غضبه كان لله وفي سبيل الله فلم يعف عن المبتدعة الذين جعلوا القول بخلق القرآن ديانة لهم ولسببه آذوه كل الايذاء أمثال ابن أبي دؤاد رأس الفتنة ورجلها كما مضى ذكره.
* - مرض الإمام أحمد ووفاته:
بعد حياة حافة بالعلم والجهاد مرض الامام مرض موته ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة 241 وتوفى عاشر يوم مرضه يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول.
ودفن بعد العصر، وصلى عليه جم غفير قدر بألف ألف نفس، رحمه الله ورفع درجاته مع النبيين والصديقين والشهداء. آمين.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»