كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٣٣
النبي، ونسب ابن الوليد والصدوق أيضا منكر السهو إلى الغلو، وبالجملة أكثر الأجلة ليسوا بخالصين عن أمثال ما أشرنا إليه، ومن هذا يظهر التأمل في ثبوت الغلو وفساد المذهب بمجرد رمي علماء الرجال من دون ظهور الحال " (1).
ونحن بعد ما قرأنا ذلك انتقلنا إلى ما ذكره العلامة الزمخشري في حق نفسه حيث يقول:
تعجبت من هذا الزمان وأهله * فما أحد من السن الناس يسلم (2) والذي تبين لنا من مراجعة هذه الكلم هو أن أكثر علماء الرجال، أو من كان ينقل عنه علماء الرجال لم يكن عندهم ضابطة خاصة لتضعيف الراوي من حيث العقيدة، بل كلما لم تنطبق عقيدة الراوي عقيدته رماه بالغلو والضعف في العقيدة، وربما يكون نفس الرامي مخطئا في اعتقاده بحيث لو وقفنا على عقيدته لحكمنا بخطئه، أو وقف في كتاب الراوي على أخبار نقلها هو من غير اعتقاد بمضمونها فزعم الرامي أن المؤلف معتقد به، إلى غير ذلك مما يورث سوء الظن، مثل ما إذا ادعى بعض أهل مذاهب الفاسدة أن الراوي منهم وليس هو منهم.
وجملة القول في ذلك ما ذكره المحقق المامقاني حيث قال: " إن الرمي بما يتضمن عيبا، فضلا عن فساد العقيدة مما لا ينبغي الاخذ به بمجردة إذ لعل الرامي قد اشتبه في اجتهاده، أو عول على من يراه أهلا في ذلك وكان مخطئا في اعتقاده، أو وجد في كتابه أخبارا تدل على ذلك وهو برئ منه ولا يقول به، أو ادعى بعض أهل تلك المذاهب الفاسدة أنه منهم وهو كاذب، أو روى أخبارا ربما توهم من كان قاصرا أو ناقصا في الادراك والعلم أن ذلك ارتفاع وغلو، وليس كذلك، أو كان جملة من الاخبار يرويها ويحدث بها ويعترف

(1) تعليقة المحقق البهبهاني.
(2) الكشاف: الجزء الثالث ص 376 طبعة مصر.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 437 439 440 ... » »»
الفهرست