كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٤٣٠
قال قدس الله سره: " فاعلم أن الظاهر أن كثيرا من القدماء لا سيما القميين منهم والغضائري، كانوا يعتقدون للأئمة، عليهم السلام منزلة خاصة من الرفعة والجلالة، ومرتبة معينة من العصمة والكمال، بحسب اجتهادهم ورأيهم وما كانوا يجوزون التعدي عنها، وكانوا يعدون التعدي ارتفاعا وغلوا حسب معتقدهم، حتى إنهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوا، بل ربما جعلوا مطلق التفويض إليهم، أو التفويض الذي اختلف فيه، أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق العادات عنهم، أو الاغراق في شأنهم وإجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص، وإظهار كثير قدرة لهم، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض، (جعلوا كل ذلك) ارتفاعا مورثا للتهمة به، لا سيما بجهة أن الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلسين.
وبالجملة، الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضا، فربما كان شئ عند بعضهم فاسدا، أو كفرا، أو غلوا، أو تفويضا، أو جبرا، أو تشبيها، أو غير ذلك، وكان عند آخر مما يجب اعتقاده أو لا هذا ولا ذاك.
وربما كان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان الرواية الظاهرة فيها منهم كما أشرنا آنفا أو ادعاء أرباب المذاهب كونهم منهم، أو روايتهم عنه، وربما كان المنشأ روايتهم المناكير عنه، إلى غير ذلك، فعلى هذا ربما يحصل التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة.
ومما ينبه بذلك على ما ذكرنا ملاحظة ما سيذكر في تراجم كثيرة مثل ترجمة إبراهيم بن هاشم وأحمد بن محمد بن نوح، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، ومحمد بن جعفر بن عوف، وهشام بن الحكم، والحسين بن شاذويه، والحسين بن زيد وسهل بن زياد، وداود بن كثير، ومحمد بن أورمة، ونصر بن الصباح، وإبراهيم بن عمر، وداود بن القاسم، ومحمد بن عيسى بن عبيد، ومحمد بن سنان، ومحمد بن علي الصيرفي، ومفضل بن عمر،
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست