كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٢٠٠
المعصوم، واحتمال كونه من جهة القرائن فاسد كما مر، ولا فرق بينهم وبين أصحاب الاجماع إلا من جهة الاجماع في هؤلاء دونهم، وهم جماعة أيضا كما عرفت (1).
أقول: أما دلالة لفظة " صحيح الحديث " على وثاقة نفس هؤلاء فمما لا يخفى على أحد، وقد عده الشهيد الثاني من الألفاظ الدالة على الوثاقة. قال في بداية الدراية وشرحها: " قوله: وهو صحيح الحديث، يقتضي كونه ثقة ضابطا ففيه زيادة تزكية ". أضف إليه أنه غير محتاج إليه، لوجود لفظ " ثقة " في ترجمة هؤلاء إلا في مورد السمرقندي وابن طريف. إنما الكلام في دلالته على وثاقة مشايخهم سواء كانت واسطة أو معها. فقد اختار المحدث النوري دلالتها على وثاقة المشايخ عامة.
ولكن إنما يتم ما استظهره من قولهم " صحيح الحديث " إذا لم تكن قرينة على كون المراد صحة أحاديث كتبه، لا وثاقة مشايخه، كما ورد في حق الحسين بن عبيد الله السعدي " له كتب صحيحة الحديث " فلا بد من الحمل على الموجود في الكتاب، ومثله إذا قال: " كان ثقة الحديث إلا أنه يروي عن الضعفاء " كما ورد في حق أبي الحسين الأسدي (2).
ولا يخفى أنه لو ثبت ما يدعيه ذلك المحدث، لزم تعديل كثير من المهملين والمجهولين، فتبلغ عدد المعدلين بهذه الطريقة إلى مبلغ كبير والاعتماد على ذلك مشكل جدا.
أما أولا: فلان صحة الحديث كما تحرز عن طريق وثاقة الراوي، تحرز عن طريق القرائن الخارجية، فالقول بأن إحراز صحة أحاديث هؤلاء كانت مستندة إلى وثاقة مشايخهم فقط، ليس له وجه، كالقول بأن إحرازها كان

(١) مستدرك الوسائل: ج ١، الصفحة ٧٦٩ بتصرف يسير.
(٢) لاحظ مستدرك الوسائل: ج ٣، الصفحة 770.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 205 206 ... » »»
الفهرست