قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٤٠٤
تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة).
ومن الغريب! إنهم تركوا فن الرجال الذي هو أصل الحديث وكان من الأهمية عند القدماء، حتى صنف فيه جلهم من عصر الكاظم (عليه السلام) في ما وقفنا، وأكبوا على فن المخالفين الذي ليس له مستند سوى ما عرفت ولا أثر له في فقهنا المأخوذ عنهم (عليهم السلام) مع أن الإمامية لم يصنفوا فيه إلا بعد زمن الغيبة اغترارا بقول من الشيخ من آراء العامة، مع أن نقضه واضح مما نقله من سيرة الإمامية، والمفيد الذي كان أول من صنف اعترف الشيخ بأنه كتب شيئا مختصرا، والحق معه حيث لم يستقص جميع ما ذكره العامة.
ومن كلماته التي صارت سببا لضياع أشياء مهمة قوله في آخر استبصاره: إن كتبه الثلاثة - تهذيبه واستبصاره ونهايته - مغنية عن جميع الأصول والمصنفات (1) فاغتر به المتأخرون عنه فاقتصروا عليها وتركوا مصنفات القدماء وأصولهم مع خلو تهذيبه واستبصاره عن كثير من أخبار الأحكام، ومع نقل الوسائل لها من شذاذ وصلت إليه من كتبهم بقي كثير منها بلا مستند، وإن كان اتفاق القدماء في مسألة مغنية عن النص، لأنهم لا يفتون عن غير نص في ما خالف الأصل قطعا، مع أن تهذيبه واستبصاره مشحونان من التحريف، ونبه على كثير منها في المنتقى (2) وجامع الرواة (3).
وقد وقع في أخبار من الكافي أيضا في باب النص على الاثني عشر تحريفات نبهنا على صوابها مما وصل إلينا من الأصول الأربعمائة.
كما أن نهايته أكثره مستند إلى أخبار آحاد، ومصنفات القدماء كانت مشتملة على فتاو مستندة إلى الأخبار المشتهرة.
مع أن في كل كتاب قرائن مقامية من عقد الباب وغيره تفوت لو غير، فالوافي وإن جمع الكتب الأربعة بدون إسقاط، إلا أنه ليس بمغن عنها لما قلنا.

(١) الاستبصار: ٤ / ٣٠٥.
(٢) منتقى الجمان: ١ / 26.
(3) راجع مقدمته.
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست