قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٢
أما أني فقد أنذرتك " قالت: نعم، أذكر هذا، قالت: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) في سفر له، وكان علي (عليه السلام) يتعاهد نعل النبي (صلى الله عليه وآله) فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها، وبعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فدخلا ثم قالا له: إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا؟ فقال لهما: " أما أني أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون " فسكتا ثم خرجا، فقلت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وكنت أجرأ عليه منا -: من كنت مستخلفا عليهم؟ فقال:
خاصف النعل، فقلت: ما أرى أحدا إلا عليا، فقال: هو ذاك، قالت: نعم أذكر ذلك، قالت: فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الأناس، فقالت: أنت ورأيك. (1) ولم ينحصر مخالفتها في نص الكتاب بقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) بل يدل عليها أيضا قوله تعالى: (يا نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا) ولا فاحشة أبين من إقامتها حرب الجمل وقتلها آلافا من المسلمين وتسبب الجمل لصفين والنهروان، ومع ذلك يكون استحقاقها للنار عندهم عسيرا، فيقول مجاهد، كما في البلاذري - وذكر عنده مسير عائشة إلى البصرة لحرب الجمل -: ليس ذلك بمذهب فضلها البارع ولا مبطل ما تقدم لها وتأخر من الإحسان... الخ (2).
فهل قوله إلا رد لقوله عز وجل!
ومن المضحك! أن عائشة كانت معترفة بجناياتها في مدة عمرها حتى استحيت أن يدفنوها مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول مجاهد: لها إحسان متقدم ومتأخر،

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٦ / ٢١٧.
(٢) أنساب الأشراف: ١ / 417.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست