قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٢٩٤
وقال أيضا في قوله تعالى بعد تلك الآية (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون - إلى قوله تعالى - ومريم ابنة عمران... الآية): أشار تعالى إلى أن من حقهما أن تكونا في الإخلاص والكمال فيه كمثل هاتين المرأتين، وألا تتكلا على أنهما زوجا النبي فإن ذلك الفضل لا ينفعهما، والتعريض بحفصة أرجح لأن امرأة لوط أفشت عليه كما أفشت حفصة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حدا يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره (1).
وأقول: كبراه صحيحة في أسرار التنزيل ورموزه، إلا أن صغراه في كون قصتهما من الأسرار والرموز ليست بصحيحة، فإن القرآن نادى به جهارا وأفصح وصرح لكل من ألقى السمع وهو شهيد، إلا أن إخواننا مع هذه وصفوها بالصديقة، كما وصفوا مريم - ومنهم الجزري - إنشاء ونقلا عن مسروق.
ومن المضحك! أن الله تعالى يضرب لها مثل امرأة نوح وامرأة لوط وهم يجعلونها أفضل من مريم في ما وضع لهم معاوية، ففي البلاذري عن أبي موسى قال النبى: كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام (2).
ومن المغرب! أن الله تعالى يقول لها: (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل... الآية) وهم نقلوا عن عائشة نفسها قالت: قال لي النبي يوما: يا عائشة أن جبرئيل يقرأ عليك السلام.
ونقلوا عنها أيضا قالت: ما تزوجني النبي حتى أتاه جبرئيل بصورتي.
ومن تظاهرهما على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما رواه البلاذري عن محمد بن جبير بن مطعم قال: خرجت حفصة من بيتها، فبعث النبي (صلى الله عليه وآله) إلى جاريته فجاءت فدخلت عليه حفصة وهي معه، فقالت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أسكتي، فلك الله لا أقربها أبدا، ولا تذكري هذا لأحد أبدا، فأخبرت

(١) الكشاف: ٤ / ٥٧١.
(٢) أنساب الأشراف: ١ / 413.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست