قال المسعودي: فقرب المعتضد آل أبي طالب، ولما بعث محمد بن زيد من طبرستان مالا إلى بغداد ليفرق في آل أبي طالب سرا أحضر الرجل الذي كان يحمل المال إليهم وأنكر عليه إخفاء ذلك وأمره بإظهاره (1).
وفي تاريخ خلفاء السيوطي قال عبد الله بن حمدون: خرج المعتضد يتصيد فنزل إلى جانب مقثأة وأنا معه فصاح الناطور، فقال: علي به، فأحضر فسأله، فقال:
ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها، فجيء بهم فضربت أعناقهم من الغد في المقثأة، ثم كلمني بعد مدة فقال: أصدقني في ما ينكر علي الناس، قلت: الدماء!
قال: والله، ما سفكت دما حراما منذ وليت، قلت: فلم قتلت أحمد بن الطبيب؟ قال:
دعاني إلى الإلحاد، قلت: فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة؟ قال: والله! ما قتلتهم وإنما قتلت لصوصا قد قتلوا وأوهمت أنهم هم.
وفيه: وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين كتب إلى الآفاق بأن يورث ذوو الأرحام وأن يبطل ديوان المواريث.
وفيه: وفي سنة أربع وثمانين ومائتين عزم المعتضد على لعن معاوية على المنابر، فخوفه عبيد الله الوزير اضطراب العامة فلم يلتفت وكتب كتابا في ذلك ذكر فيه كثيرا من مناقب علي (عليه السلام) ومثالب معاوية، فقال له القاضي يوسف: أخاف الفتنة عند سماعه، فقال: إن تحركت العامة وضعت السيف فيها، قال: " فما تصنع بالعلويين الذين خرجوا عليك في كل ناحية وإذا سمع الناس هذا من فضائل أهل البيت كانوا إليهم أميل " فأمسك (2).
قلت: العجب من العامة! سمعوا في ثمانين سنة سب أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان بنص الله تعالى نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبالعيان مثله علما وعملا، وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له في المتواتر: " حربك حربي وسبك سبي " ولم ينكر أحد منهم ذلك، أما لو كانوا سمعوا سب معاوية الذي كان شرا من أبي جهل فإن غاية شر أبي جهل معاداته مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم إسلامه إلى قتله في بدر، ومعاوية كان يعادي