الرحمن بن عوف: قد أصبت إذ بايعت عثمان، وقال لعثمان: لو بايع عبد الرحمن غيرك ما رضينا، فقال عبد الرحمن: كذبت يا أعور! لو بايعت غيره لبايعته ولقلت هذه المقالة (1).
ومما يوضح عدم إجراء عمر الحد عليه مع ثبوته قول الحسن (عليه السلام) - وهو من شهد الله تعالى بعصمته - في مجلس معاوية للمغيرة كما في مفاخرات الزبير بن بكار: " وإن حد الله تعالى في الزنا لثابت عليك، ولقد درأ عمر عنك حقا الله سائله عنه ". وقد قال (عليه السلام) له أيضا: " ولقد سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنك زان " (2). ومما يوضحه أن عمر كان يقول للمغيرة - كما في الأغاني -: والله! ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بحجارة من السماء (3).
ثم إنه عزله عن البصرة، وكان زنى فيها لكلام الناس إلا أنه ولاه الكوفة فصار مثلا، ففي عيون ابن قتيبة: كان الرجل يقول: غضب الله عليك، كما غضب عمر على المغيرة، عزله عن البصرة واستعمله على الكوفة (4).
وروى الأغاني عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان النهدي قال: لما شهد عند عمر الشاهد الأول على المغيرة تغير لذلك لون عمر، ثم جاء آخر فشهد فانكسر لذلك انكسارا شديدا، ثم جاء رجل شاب يخطر بين يديه، فرفع عمر رأسه إليه وقال له: ما عندك يا سلح العقاب! - وصاح أبو عثمان صيحة تحكي صيحة عمر، قال عبد الكريم: لقد كدت أن يغشى علي - وقال آخرون: قال المغيرة:
فقمت فقلت: يا زياد أذكر الله، فإن الله وكتابه ورسله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي إلى أن تتجاوزه إلى ما لم تر، فوالله لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أين سلك ذكري منها... الخبر (5). وافهم منه الخبر.