عبد الله عليه السلام: رجل مات، وله عندي مال، وله ابنة، وله موال؟
فقال لي: إذهب، فأعط البنت النصف، وأمسك عن الباقي.
قال سلمة: فلما جئت، أخبرت بذلك أصحابنا، فقالوا: " أعطاك من جراب النورة ".
قال سلمة: فرجعت إليه، وقلت: إن أصحابنا قالوا لي: " أعطاك من جراب النورة " قال: فقال: ما أعطيتك من جراب النورة.
قال: علم بها أحد؟ قلت: لا، قال: فاذهب فأعط البنت الباقي (1).
دال - تفسير العبارة عند المحدثين: قال الصدوق - في تعقيب له على حديث مناظرة هشام، وكلام هارون -:
إحدى العلل التي من أجلها وقعت التقية: الخوف، كما ذكر في هذا الحديث، وقد كان موسى بن جعفر عليهما السلام في ظهوره كاتما لأمره، وكان شيعته لا تختلف إليه، ولا يجترئون على الإشارة خوفا من طاغية زمانه.
حتى أن هشام بن الحكم، لما سئل في مجلس يحيى بن خالد عن الدلالة على الإمام، أخبر بها، فلما قيل له: من هذا الموصوف؟ قال: صاحب القصر أمير المؤمنين هارون الرشيد - وكان هو خلف الستر قد سمع الكلام فقال:
أعطانا - والله - من جراب النورة.
فلما علم هشام أنه قد اتي، هرب، وطلب، فلم يقدر عليه، وخرج إلى الكوفة، ومات بها عند بعض الشيعة، فلم يكف الطلب عنه حتى وضع ميتا بالكناسة،