مستدركات علم رجال الحديث - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج ١ - الصفحة ترجمة المؤلف ٨
ووجدت كلتا الطائفتين كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، فطويت عنهما كشحا وتوجهت وتوسلت مجدا مكدا إلى مسجد السهلة في غير أوانه باكيا متضرعا متخشعا إلى صاحب العصر والزمان عليه السلام، فبان لي الحق وظهر لي امر الله ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ووقع نظري في ورقة مكتوبة بخط جلى: " طلب المعارف من غيرنا - أو طلب الهداية من غيرنا (الشك منى) مساوق لإنكارنا " وعلى ظهرها مكتوب:
" أقامني الله وأنا حجة بن الحسن.
قال: فتبرأت من الفلسفة والعرفان وألقيت ما كتبت منهما في الشط و وجهت وجهي بكله إلى كتاب الكريم وآثار العترة الطاهرة فوجدت العلم كله في كتاب الله العزيز وأخبار أهل البيت الرسالة الذين جعلهم الله خزانا لعلمه و تراجمة لوحيه ورغب وأكد الرسول صلى الله عليه وآله بالتمسك بهما وضمن الهداية للتمسك بهما. فاخترت الفحص عن أخبار أئمة الهدى والبحث عن آثار سادات الورى فأعطيت النظر فيها حقه وأوفيت التدبر فيها حظه، فلعمري وجدتها سفينة نجاة مشحونة بذخائر السعادات وألفيتها فلكا مزينا بالنيرات المنجية من ظلمات الجهالات، ورأيت سبلها لائحة وطرقها واضحة وأعلام الهداية والفلاح على مسالكها مرفوعة، ووصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة وحدائق خضرة مزينة بأزهار كل علم وثمار كل حكمة إلهية الموحاة إلى النواميس الإلهية فلم أعثر على حكمة الا وفيها صفوها ولم أظفر بحقيقة إلا وفيها أصلها. والحمد لله هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
ثم خرج الأستاذ الأعظم من العراق عازما إلى إيران فاختار مجاورة الإمام الرؤوف علي بن موسى الرضا عليه السلام وشرع في التعليم والتدريس مطالب الفقه والأصول ومعارف القرآن في مدة قريبة من ثلاثين سنة وقوم الأفاضل و الأكارم بأحسن تقويم وأفاض مطالب الأصول في ثلاث دورات: الأول بنحو المفصل والمبسوط على المرسوم، والثاني في إثبات ما يختاره في ذلك بالأدلة التامة، والثالث مهمات مباحث الأصول التي يتوقف عليها الاستنباط.
وكذلك أجاد فيما أفاد من الفقه ومعارف القرآن وكان ساعيا مجدا في نشر العلوم والمعارف بحيث لم يكن له تعطيل في تمام السنة إلا أياما قليلة قليلة لا تبلغ عشرة أياما كل وقت على حسب ما يقتضيه ويرتضيه.
(ترجمة المؤلف ٨)