ولا زيد لوجه أن يتقبض ولا لنفس أن تنقبض، بل نريد لمن تمر به هذه السحابة المركومة من التقاليد أن يتحرر منها ثم يمعن في الكتاب امعان أولي الألباب (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب).
لا نقصد بهذا الكتاب - شهد الله - أن نصدع هذه الوحدة المتواكبة المتراكمة في هذه اللحظة المستيقظة، بل نقصد تعزيز هذه الوحدة وإقامتها على حدية الرأي والمعتقد، لتكون الوحدة على هذا الضوء أهدى للغاية وأدل على القصد، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.
والكرامة العقلية أسمى الكرامات التي يسعى إليها أولوا الألباب بأغلى ما لديهم من أموال وأنفس ودماء، لأنها السلم إلى المجد والجسر إلى الاتحاد.
أما إذا شاء بعض إخواننا في الدين الاسلامي أن يصغر خده محمرا أو مصفرا فليصغ إلى هذه الملاحظات المتواضعة، وليفتنا بعدها يجدنا إن شاء الله تعالى أقرب إلى تأليف الكلمة وتوحيد الصفوف بالرغم عن هذا الشوك الذي يقض المضجع، ويخز الفكر، ويدمي الضمير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
بين أيدينا الآن من هذه الملاحظات ألوان: بعضها يمس الطبائع في نواميسها وفطراتها، وبعضها متناقض متداحض، وبعضها خارج على قواعد العلم المشتقة من صلب الدين، وكثير منها تزلف إلى بني أمية أو إلى الرأي العام في تلك الأيام، وبعضها خيال أو خبال، وهي بجملتها خروج على أصول الصحة في كل معانيها.
فمن بلاياه أن ملك الموت كان قبل موسى يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه موسى ففقأ عينه! وأرجعه على حافرته إلى ربه أعور! فكان بعد هذه الحادثة يأتي الناس خفيا!.