وقد ذكره ولد ولده في كتاب الدر المنثور ومدحه بما هو أهله، وذكر أكثر ما مضى ويأتي مع زيادات لم ننقلها خوف الإطالة (1).
وقد صنف تلميذه الشيخ محمد بن علي بن الحسن بن العودي العاملي الجزيني في أحوال شيخنا المذكور تاريخا وقفت على نبذة وانتخبت منه بعض أحواله، فمما قال فيه: (حاز من صفات الكمال محاسنها ومآثرها، وتروى من أصنافها بأنواع مفاخرها، كانت له نفس علية تزهي بها الجوانح والضلوع، وسجية سنية يفوح منها الفضل ويضوع، كان شيخ الأمة وفتاها، ومبدأ الفضائل ومنتهاها، لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة ووزع أوقاته على ما يعود نفعه في اليوم والليلة).
ثم ذكر تفصيل أوقات التدريس والمطالعة والتصنيف والمراجعة والاجتهاد في العبادة والنظر في أحوال المعيشة وقضاء حوائج المحتاجين، وتلقي الأضياف بوجه مسفر وكرم وبشاشة، ثم ذكر بلوغه غاية الكمال في الأدب والفقه والحديث والتفسير والمعقول [والهيئة] (2) والهندسة والحساب وغير ذلك، وانه مع ذلك كان ينقل الحطب بالليل على حمار لعياله، ونقل عنه من رسالته التي ألفها في ذكر أحواله أن مولده ثالث عشر شوال سنة 911، وأنه ختم القرآن وعمره تسع سنين، وقرأ على والده في فنون العربية والفقه إلى أن توفي والده سنة 925، وانه ارتحل في تلك السنة مهاجرا في طلب العلم إلى ميس، فاشتغل على الشيخ علي بن عبد العالي