الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١١٦
للاسم ولا للمضايقة فيه إذا حققنا المعنى، وإنما نمنع منه خوف التشكيك به والتلبيس، وتسمية الباطل باسم الحق، فهذا توقف على فساد عمله، ونبين له قبح مغبته وبالله تعالى التوفيق.
واحتج بعضهم بقول الله عز وجل حكاية عن المنافقين أنهم قالوا: * (لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا) *.
قال أبو محمد: وهذه الآية كافية في إبطال العلل، لان الله تعالى أخبر أن جهنم ذات حر وأن الدنيا ذات حر ثم فرق تعالى بين حكميها وأمرهم بالصبر على حر الدنيا وأنكر عليهم الفرار عنه وأمرهم الفرار عن حر جهنم، وألا يصبروا عليها أصلا نعوذ بالله منها.
واحتجوا أيضا بقوله تعالى: * (لئلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم) *.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لأنه نص على أن النبي صلى الله عليه وسلم إذ تزوج امرأة زيد وهو قد كان استلحقه، ونحن مأمورون باتباعه صلى الله عليه وسلم في تحليل ما أحل وتحريم ما حرم، فنكاحه صلى الله عليه وسلم إياها موجب علينا تحليل أزواج المستلحقين في الجاهلية غير استلحاق الولادة، لكن الاستلحاق المنسوخ فقط، وهذا الذي قلنا هو نص الآية، ولو كان علة كما ادعوا للزم كل أحد أن ينكح امرأة دعيه ولا بد، فلما لم يكن ذلك بلا خلاف، سقط ظنهم أن إنكاحه عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم زينب أم المؤمنين علة لما راموا تعليله بذلك. وصح قولنا: أنه نص على إيجاب تحليل ما أحل الله تعالى لرسوله عليه السلام فقط، وبالله تعالى التوفيق.
واحتجوا بقوله تعالى: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) *.
قال أبو محمد: وهذا أيضا لا حجة لهم فيه والقول في هذه الآية كالقول في الآية التي ذكرنا آنفا ولا فرق، لأننا قد وجدنا أموالا كثيرة لم تقسم هذه القسمة بل قسمت على رتبة أخرى فلو كان عليه قسمة هذا الذي أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم إنما هي ألا يكون دولة بين الأغنياء لكان ذلك أيضا علة في قسمة سائر الأموال من الغنائم وغيرها كذلك فبطل ما توهموا وصح
(١١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1111 1112 1113 1114 1115 1116 1117 1118 1119 1120 1121 ... » »»
الفهرست