الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٦٢
وهكذا القول في الشريعة كلها، ووطئ الفرج الحرام، وأكل الحرام واستباحة العرض الحرام والبشرة الحرام ونحو ذلك، كل هذا من فعله مخطئا غير عالم أنه خالف ما جاء من عند الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يكفر ولا يفسق ولا يعصي، ومن فعله عامدا غير معتقد لإباحة ما حرم الله تعالى من ذلك فهو فاسق، ومن فعله عامدا مستحلا خلاف الله تعالى فهو كافر، وقد نزه الله تعالى كل صاحب وكل فاضل عن هاتين المنزلتين، وأوقع فيهما كل فاسق متبع هواه قاصد إلى نصر الباطل، والثبات عليه وهو يدري أنه باطل، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فإذا قد صح كل ما قلناه فلنبين بحول الله تعالى وقوته وجوه الاجتهاد التي قدمنا، وحكم من أخذ بوجه منها وفي أي خبر يقع عندنا من القطع بصوابه أو القطع بخطئه، أو التوقف في أمره، وبالله تعالى نعتصم.
فأول ذلك من تعلق بآية منسوخة، فهذا لا يخلو من أحد وجهين: إما أن تكون تلك الآية قد جاء نص منقول نقل تواتر بأنها منسوخة، أو قال دليل متيقن النص أو الحال بأنها منسوخة، فإن كان نسخها ثبت أحد هذه الوجوه، فحكمها الثبات على ما بلغه من المنسوخ عند الله عز وجل بلا شك، ما لم يثبت البرهان عنده بنسخها معذور مأجور مرتين.
فإذ قام عليه البرهان المذكور بأنها منسوخة فتمادى على ذلك - من الاخذ بالمنسوخ معتقدا لصوابه في ذلك، فهو كافر مشرك حلال الدم كمن تمادى على القول بأن المتوفى عنها وصية إلى الحول، أو على القول بالصلاة إلى بيت المقدس، وما أشبه ذلك.
وأما إن قام الدليل عنده على أنها منسوخة - من النص المتيقن كما ذكرنا - إلا أنها مما اختلف الناس في نسخها، فتمادى على القول بالمنسوخ، وهو يعلم خلاف
(١١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1157 1158 1159 1160 1161 1162 1163 1164 1165 1166 1167 ... » »»
الفهرست