الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٥٧
وقول الصاحب الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة إذا اشتهر وقال آخرون وإن لم يشتهر وقول الإمام الوالي منهم ودليل الخطاب والقياس والرأي المجرد والاستحسان وقول أكثر العلماء وعمل أهل المدينة والاخذ بقول عالم وإن كان له مخالف مثله وقد شرحنا معاني هذه الأسماء وأبطلنا الحكم بكلها أو شئ منها بالبراهين الضرورية فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله رب العالمين فأما تعلق قوم اعتقدوه من أحكام بعض النوازل بقول صاحب له مخالفون أو بقول تابع أو بقول فقيه من الفقهاء المتقدمين وإن خالفه غيره من أهل العلم فهذا هو التقليد الذي قد تكلمنا في ابطاله فيما سلف من كتابنا هذا والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد وليس للمتكلمين في الديانة اليوم قول يكون عندهم اجتهادا غير ما ذكرنا وقد كانت أقوال في ذلك لقوم من أهل الكلام قد درست مثل قول بعضهم ان ما وقع في النفس في أول الفكر فهو الواجب ان يقال به وقال بعضهم الواجب ان يقال بالأثقل لأنه خلاف الهوى وقال بعضهم بل بالأخف منها لقول الله تعالى * (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) *.
قال أبو محمد وهذه أقوال فاسدة لأنها كلها دعاوى يعارض بعضها بعضا ولك ما ألزمنا الله تعالى فهو يسر وان ثقل علينا وكل شريعة نتكلف فهي خلاف الهوى لان تركها كان موافقا للهوى ولأنه قد يقع في أوائل الفكر الوسواس وقال تعالى ذاما لقوم * (شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) * ومن قطع بشئ مما يقع في نفسه من الدين فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى وقال تعالى * (قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين) * فنص تعالى على أن من لا برهان له فليس بصادق وقال تعالى * (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم) * فهذا يدفع قول من قال بالأخف وقال تعالى * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * وهذا يدفع قول من قال بالأثقل وصح انه لا لازم الا ما ألزمنا الله تعالى وسواء وقع في النفس أو لم يقع، وسواء كان أخف أو أثقل.
قال أبو محمد وإذا قد انحصرت وجوه الاجتهاد إلى ما قد أوضحنا براهينه من
(١١٥٧)
مفاتيح البحث: القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1152 1153 1154 1155 1156 1157 1158 1159 1160 1161 1162 ... » »»
الفهرست