الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٦٣
ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى، لتعمد قلبه القول بمخالفة الحق الصحيح، فهو عامد كبيرة وبالله تعالى التوفيق.
فإن كانت تلك الآية مما قام الدليل على نسخها من نقل الآحاد، وهو ممن يصحح مثل ذلك النقل، فتمادى على القول بها، فهو فاسق بتعمده مخالفة ما هو الحق عنده، وإن كنا لا نقطع على أنه مخطئ، وليس هذا فيما لم يأت من جهة الثقات مسندا فقط، لكن من جهة من اختلف في توثيقه ولا بد ولا مزيد، وهذا كمن رد شهادة العدلين من الحكام فيما يقبلان فيه بغير شئ يوجب رد شهادتهما، فهذا فاسق لرده ما هو الحق عنده، ولعله في باطن الأرض مصيب في ردها إذ لعلهما كاذبان أو مغفلان أو غاب عنهما سر تلك الشهادة فهذا أفضل.
وفصل ثان: وهو أن يتعلق بآية مخصوصة مثل قوله: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * فهذه خاصة فيمن مات كافرا ببرهان نص آخر، فهذه أيضا ما لم يقم عنده برهان بأنها مخصوصة، فحكمه الثبات على المخصوص الذي بلغه، وهو مأجور مرتين حتى إذا قام عليه الدليل البرهاني بأنها مخصوصة، فكما قلنا في الفصل الذي قبل هذا.
وفصل ثالث: وهو أن يتعلق بآية قد خص منها بعضها كقوله تعالى: * (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به) * وكقوله تعالى: * (حرمت عليكم أمهاتكم) * إلى قوله: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * وكقوله تعالى: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * فهذا أيضا حكمه الثبات على ما بلغه، وهو مأجور مرتين، فإن قام عليه البرهان فتمادى، فإن كان صحيحا عنده فهو كافر، كمن أحل الخمر بعموم هذه الآية، أو أحل العبيد بملك اليمين.
وفصل رابع: وهو أن يتعلق بآية مزيد عليها نص آخر، كمن تعلق بقوله تعالى:
* (حرمت عليكم أمهاتكم) * الآية إلى قوله * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * وقد
(١١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1158 1159 1160 1161 1162 1163 1164 1165 1166 1167 1168 ... » »»
الفهرست