الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٦٠
بما صح عنده الخطأ فيه أو بما لم يقم عنده دليل باجتهاده على أنه حق عنده.
قال أبو محمد ثم وجدنا من قامت عليه حجة في بطلان ما اعتقده ولم تكن عنده حجة تعارض تلك الحجة الواردة فإنه لا يخلوا من أحد وجهين لا ثالث لهما اما ان يكون اجتهاده أداه إلى ما اعتقد من ذلك ببرهان واضح يقين قد ارتفع به الشك فإن البرهان لا يعارضه برهان فلو جاز ذلك لكان الحق في المتضادين فهذا باطل بيقين فهو وان عجز عن معارضة ذلك الشغب الوارد عليه فليس عجزه عن ذلك بمسقط لما ثبت بالبرهان فواجب عليه التمادي على ما قام به البرهان وإما ان يكون أداه اجتهاده إلى ذلك باقناع أو شغب فكان في اعتقاده إياه مسامحا لنفسه مدافعا للخواطر التي تعارضه غير محقق للبحث عن البرهان في ذلك فهذا إذا قامت عليه حجة برهانية من النص يلوح له فساد اجتهاده ففرض عليه ترك ما كان عليه والرجوع إلى الحق فإن لم يفعل فهو عاص لله عز وجل فاسق مجرح ساقط الشهادة لأنه مغلب للظن على اليقين وهذه من الكبائر قال عز وجل * (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا) * وقال الله تعالى * (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) *.
قال أبو محمد: فهذا نص ما قلنا آنفا إن من جاءه من ربه تعالى الهدى وهو البرهان الحق فلا يحل له تركه واتباع ما هويت نفسه وظن أنه الحق وانه لا يحل له الثبات على ما هويت نفسه وظن أنه الحق وترك اتباع الحق لوارد من عند الله تعالى قال أبو محمد وسواء في هذا المقام عليه البرهان في فتياه أو في معتقده في اعتزاله أو تشيعه أو إرجائه أو شرايته ومن جوز الشك في البرهان وتمادى على مخالفته وقطع بظنه في أنه لعل ههنا برهانا آخر يبطل هذا البرهان الذي أقيم عليه: فهذا مبطل للحقائق كلها وقوله يقود إلى أن لا يحقق شيئا من الشرائع الا بالظن فقط وهذا أفسق الفاسقين.
قال أبو محمد وأما من اعتقد قولا بغير اجتهاد أصلا لكن اتباعا لمن نشأ بينهم فهذا مقلد مذموم بيقين أصاب أو أخطأ وهو آثم على كل حال عاص
(١١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1155 1156 1157 1158 1159 1160 1161 1162 1163 1164 1165 ... » »»
الفهرست