الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٦٦
ولا شك أنهم لم يتبين لهم الحق في ذلك. وأما من نشاهده أو لم نشاهده - ممن صح عندنا بيقين حاله ومقدار عمله - فنحن على يقين أنه ليس عنده في ذلك أكثر من الدعوى، والقول على الله تعالى بما لا يعلم، فهؤلاء فساق راكبون أعظم الكبائر ونعوذ بالله من الخذلان.
وكذلك من ادعى في حديث صحيح قد أقر بصحته مثله في اسناده نسخا أو تخصيصا أو تخصيصا منه أو ندبا فكما قلنا في مدعى ذلك في الآيات ولا فرق ومنها من تعلق بقوله لم يجد فيه مخالفا ولم يقطع بأنه اجماع فهذا ان ترك لذلك عموم نص صحيح أو خصوص نص صحيح فمعذور مأجور مرة وان أخطأ ما لم يوقف على ذلك النص فإن وقف عليه فتمادى على خلافه فهو فاسق لرده ما أقر بثباته أو كافر ان اعتقد خلاف الحق بعد بلوغه إليه بقلبه.
ومنها ان لا يتعلق في خلاف النص الثابت بإقراره الا بقول صاحب لا يعرف له منهم مخالف اما منتشر مشتهر واما غير منتشر ولا مشتهر أو تعلق في ذلك بقول أكثر العلماء وقد وجد الخلاف في ذلك من بعضهم أو تعلق في ذلك بعمل أهل المدينة وقد وجد الخلاف من غيرهم فهذا ضعيف من التعلق جدا لان الخطأ لا يؤمن على أحد منت الصحابة ولا على الأكثر من العلماء ولا على عمل أهل المدينة الا أنه قد يغلب الظن على المرء حتى يتوهمه يقينا لسهوه عن صحيح النظر فهذا من النسيان والخطأ المرفوع فيه الجناح حتى إذا نبه على ذلك فإن تمادى فهو فاسق لتماديه على مخالفة أمر الله تعالى وتعلقه بما لم يأمر الله تعالى بقط بالتعلق به فهو بذلك شارع في الدين ما لم يأذن به الله أو كافر ان تعمد خلاف الحق بقلبه بعد بلوغه إليه.
ومنها: أن يتعلق بدليل الخطاب أو بالقياس، فهذا أيضا معذور مأجور مخطئ عند الله تعالى بيقين، إلا أنه لا يفسق، ما لم تقم عليه الحجة في بطلان هذين العلمين، فإن قام بذلك عنده البرهان - من النصوص الثابتة المتظاهرة فتمادى على القول بالقياس أو بدليل الخطاب، فهو فاسق، لأنه ثابت على ما لم يأذن به الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم كما قدمنا.
ومنها: أن يتعلق بالرأي والاستحسان، وهذا أضعف من كل ما تقدم.
(١١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1160 1161 1162 1163 1164 1165 1166 1167 1168 1169 1170 » »»
الفهرست