التجري على قصد العصيان القول باستحقاق عقابين في المعصية الحقيقية أحدهما على قصد المعصية والآخر على نفس المعصية (ووجه الاندفاع) ما صرح به من اتحاد المنشأ لاستحقاق العقوبة وهو هتك واحد) (وكيف كان) يرد على العبارة الأولى للفصول ان قبح التجري عندنا ذاتي على خلاف ما ذهب إليه رحمه الله بمعنى انه علة تامة للقبح ولا يكاد يعقل انفكاكه عنه أبدا (فإذا قطع) انه كافر حربي أو عدو للمولى وتجري ولم يقتله فيكون هذا الترك منه قبيحا صدورا وإن انكشف بعدا انه كان نبيا أو وصي نبي فضلا عن كونه مؤمنا ورعا أو رجلا عالما (كما انه إذا قطع) انه مؤمن ورع أو نبي أو وصي نبي وتجري وقتله فيكون هذا الفعل منه قبيحا صدورا وإن انكشف بعدا انه كان كافرا حربيا أو عدوا للمولى بل قبح التجري من هذا الحيث هو أقوى من قبح الظلم عقلا فان الظلم يعقل ان يعرضه الصفة المحسنة له كما إذا توقف حفظ دماء المسلمين على ظلم يتيم مسكين ولكن التجري لا يكاد يعقل ان يعرضه الصفة المحسنة له من الجهات الواقعية أبدا (والسر فيه) ان قبح التجري صدوري قد نشأ من القطع بالحرمة فلا يعقل ان يرتفع القبح الصدوري ما دامت صفة القطع موجودة قائمة بالقاطع بجهة من الجهات الواقعية المجهولة المغفولة عنها وان كانت هي في غاية القوة وأقصى مرتبة الأهمية وذلك لما تقدم في بحث الاجتماع في الأمر العاشر من ان الحسن والقبح الصدوريين تابعان لما علم من الجهات لا لأقوى الجهات الواقعية (فالكذب المنجي من الهلكة) وان كان حسنا واجبا واقعا ولكن ما لم يعلم الكاذب بجهة الإنجاء لم يرتفع بها قبح صدوره أصلا (وهكذا الصدق الموقع في الهلكة) فهو وان كان قبيحا حراما واقعا ولكن ما لم يعلم الصادق بجهة الهلاك لم يرتفع بها حسن صدوره أبدا (ومن هنا يظهر) ما في قوله نظرا إلى معارضة الجهة الواقعية للجهة الظاهرية... إلخ فإنها ما لم يعلم بها لم تعارض الجهة الظاهرية ولم يرتفع بها القبح أو الحسن الصدوري بلا ارتياب (بل ومن هنا يظهر) ما في عبارته الأخيرة المختصرة من ان التجري
(٢٤)