(إذا عرفت) ذلك (فنقول) الظاهر أن الاستصحاب إلى زمان والد الشيخ البهائي (قدهما) كان معدودا من جملة الامارات الكاشفة عن الواقع وعليه فتعريفه بكون حكم أو وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق من أحسن التعاريف إذ ما هو موجب للظن بالبقاء وكاشف عنه هو ذلك ولا يرد عليه ما اورده شيخنا العلامة الأنصاري (قده) من أنه مورد للاستصحاب لا نفسه ضرورة انه بناء على اماريته ليس هناك ما يكون كاشفا عن الواقع غير ذلك والظاهر أن ايراده (قده) مبني على جعل الاستصحاب من الأصول العملية كما هو الصحيح ولكن التعريف المذكور مبني على جعله من الامارات (واما ما اورده قده) عليه بعد توجيهه بما حاصله ان الاستصحاب اما ان يؤخذ من العقل أو من السنة وعلى كل حال ليس الاستصحاب الا حكم العقل أو الشرع ببقاء ما كان وكون الشئ متيقنا سابقا مشكوكا لاحقا مورد للاستصحاب لا نفسه (فيرد عليه) ان كون الاستصحاب بنفسه من الأحكام العقلية لا معنى له بل غاية الأمر حكم العقل بحجية الظن الحاصل من الاستصحاب أو كونه مفيدا للظن وعلى كل حال لا يكون الاستصحاب الا ما يفيد الظن ليس الا وقد عرفت انه ليس الا كون شئ متيقنا سابقا ومشكوكا لاحقا واما ما جعله (قده) أخصر التعاريف وأسدها وهو ابقاء ما كان فهو وإن كان أخصرها الا انه ليس بسديد لان ظاهر الابقاء انه فعل اختياري للمكلف ومن الواضح ان الاستصحاب حكم شرعي أجنبي عن فعل المكلف بالكلية ولو سلمنا ان الابقاء عبارة عن حكم الشارع بالبقاء لا فعل المكلف لكن ظاهره هو حكم الشارع ببقاء نفس ما كان وهذا أيضا أجنبي عن الاستصحاب لان الحكم الشرعي في باب الاستصحاب متعلق ببقاء الاحراز السابق وعدم نقضه من حيث الجري العملي على ما هو مقتضى كونه أصلا عمليا وأين ذلك من حكمه ببقاء نفس ما كان واقعا ولو في ظرف الشك الذي هو مفاد الامارة لا الأصل وعلى ذلك فالأحسن تعريفه على المختار من اخذه من الاخبار بالحكم الشرعي ببقاء الاحراز السابق من حيث اثره وهو الجري العملي على طبقه فيكون في التعريف إشارة إلى افتراقه عن بقية الأصول العملية بكونه محرزا دونها والى افتراقه عن الامارت فان المجعول فيها هو المحرزية للواقع بمعنى جعل فرد آخر للقطع تشريعا وهذا بخلافه فيه فان المجعول فيه هو المحرزية من حيث الجري العملي لا من حيث ثبوت الواقع وقد أشرنا إلى ذلك في أوائل مباحث القطع وسيأتي التعرض له في بحث الأصل المثبت إن شاء الله تعالى وسيأتي التعرض
(٣٤٣)