الأقسام من حيث الرجوع إلى البراءة أو الاشتغال كما سيظهر وجهه إن شاء الله تعالى إذا عرفت ذلك فنقول إذا علم وجوب شئ في الجملة ودار الامر بين تعينيته وتخييريته كما هو محل الكلام فلا مناص فيه عن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال والحكم بالتعيينية عملا إذ الواجب التعييني غير محتاج في عالم الثبوت الا إلى قيد عدمي بأن لا يكون له عدل في مرحلة الطلب كما أنه في عالم الاثبات كذلك بل اثبات التعيينية في عالم الاثبات بعدم التقييد بمثل العطف بكلمة أو انما هو لكشفه عن العدم في عالم الثبوت فإذا كان أصل الوجوب معلوما وشك في تخييريته من جهة احتمال تقيده بوجود العدل له فلا محالة يحكم بالتعيينية بمقتضى ضم الوجدان إلى الأصل لعدم ثبوت التقييد مع حكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة التكليف الثابت يقينا واما توهم اثبات التعيينية باجراء البراءة عن وجوب ما يحتمل بدليته للواجب المعلوم فغير صحيح إذا البراءة العقلية انما تجري فيما إذا كان مخالفة التكليف المحتمل موجبة للعقاب على تقدير تنجزه ولا ريب ان ترك الطرف المحتمل وجوبه في المقام لا يترتب عليه عقاب أصلا واما البراءة الشرعية فلا مورد لجريانها لما ذكرناه مرارا من أنه مشروط بان يكون فيه امتنان على الأمة فلو لزم منه خلاف الامتنان لما كان مجال له وحيث إن لازم الجريان في المقام هو ثبوت التعيينية التي هي كلفة زائدة مخالفة للامتنان فلا تكون جارية (فإن قلت) إذا سلمت ان في التعيينية كلفة زائدة على الكلفة الثابتة في أصل الوجوب فلماذا لا تجري البراءة منها ويثبت بذلك التخيير (قلت) مجرد كون شئ موجبا للكلفة والضيق لا يوجب جريان البراءة عنه عند احتماله فإن البراءة الشرعية يتوقف جريانها على كون المحتمل أمرا منحازا في الجعل ولا تجري في الأمور التحليلية كما سيتضح في محله فلا يصح ان يقال إن أصل الوجوب معلوم وخصوصية التعيينية مجهولة تدفع بالبراءة مع أن هذه الخصوصية ليست من الأمور القابلة للجعل بنفسها بل هي من خصوصيات المجعول وتوابعه (واما) البراءة العقلية فلانها انما تجري فيما إذا كان الشك متعلقا بمرحلة الجعل والاشتغال دون السقوط والامتثال والمقام من قبيل الثاني فإنه إذا علم وجوب شئ في الجملة فمرجع الشك في تعيينيته وتخييريته إلى الشك في أن الشارع جعل له مسقطا آخر غير الاتيان بمتعقله أم لا والا فحقيقة الوجوب ليس له قسمان تعييني وتخييري فإذا رجع الشك إلى مرحلة الاسقاط والامتثال فلا محالة يحكم العقل بالاشتغال دون البراءة (وبالجملة) الشك في التعيينية والتخييرية مع العلم بأصل الوجوب في الجملة يترتب عليه امران (الأول)
(٢١٥)