ربما يتوهم ان رفع الخطأ وغيره حيث لا يمكن حقيقته فلا بد من التقدير من باب دلالة الاقتضاء وقد اختلف في بحث دلالة الاقتضاء في أن المقدر إذا دار أمره بين الخصوص أو العموم فهل مقتضى القاعدة هو الاخذ بالخصوص أو العموم أو الاخذ بأظهر الخواص أو الحكم بالاجمال وعليه فيقع النزاع في أن المقدر في المقام ما هو فهل هو خصوص العقاب أو تمام الآثار أو أظهرها أو يحكم بالاجمال ولكنه لا يخفى فساد هذا التوهم فإنه يبتنى على كون المراد من الرفع هو الرفع الخارجي حتى يتوقف صحة الكلام على التقدير وأما إذا كان المراد منه الرفع في عالم التشريع فلا يحتاج إلى تقدير شئ أصلا نعم يقع الكلام في أن مقتضى رفع الخطأ مثلا في عالم التشريع وجعله كعدمه ما هو فهل رفعه عبارة عن رفع تمام الآثار أو خصوص العقاب أو رفع أظهر الآثار أو لا ظهور له في شئ من ذلك فيكون مجملا ويتضح لك الحال في ذلك إن شاء الله تعالى " الثانية " ان اتصاف الشئ بالرافعية أو الدافعية لا يكون إلا بعد وجود المقتضي ومنزلتها منزلة المانعية فما لم يكن هناك مقتض لوجود الشئ فلا دافع ولا رافع بل يستند العدم إلى عدم المقتضي ولا يخفى ان كل رافع فهو دافع في الحقيقة إذ الرافع إنما يكون مزاحما لتأثير مقتضى البقاء ومانعا عن تحقق مقتضاه حينه ووجود المقتضي قبل ذلك أجنبي عن مزاحمته بقاء فالرافع في الحقيقة مانع عن تحقق الأثر كما في الدافع فإن المعلول كما يحتاج إلى المؤثر في حدوثه فكذلك يحتاج إليه في بقائه فكل من الرافع والدافع يكون مزاحما للمقتضي في تأثيره نعم لو قلنا بأن الحادث لا يحتاج في بقائه إلى المؤثر لما كان الرافع مزاحما لتأثير المقتضي بل دافعا لاثره الحادث ولكن هذا القول فاسد لا يمكن المصير إليه وعليه فلا فرق حقيقة بين الدافع والرافع ويصح استعمال كل منهما في مورد الآخر بلا عناية فلا وقع للاشكال على الرواية بعدم صحة اطلاق الرفع في جملة من التسعة المذكورة فيها التي هي من قبيل الدفع " الثالثة " ان رفع الخطأ والنسيان في الرواية ليس المراد منه هو دفع نفس هذه العناوين تشريعا وفرضها كأن لم يكن كما توهم فإن ذلك يستلزم اجراء احكام العامد والملتفت على الخاطئ والناسي وهذا ينافي ورود الرواية مورد الامتنان بل المراد منه هو رفع الفعل الصادر حال الخطأ أو النسيان كرفع الفعل المكره عليه أو المضطر إليه أو مالا يطاق بمعنى أن الأحكام الثابتة لنفس الافعال من دون تقييدها بحال العمد أو الخطأ مثلا ترتفع حال الخطأ فتكون الرواية حاكمة على الأدلة المثبتة للأحكام لنفس عناوين الافعال من دون قيد ومخصصا لها بحال العمد واما الأحكام الثابتة على الافعال بقيد كونها
(١٧٠)