أخص تلك الأخبار مضمونا هو الأخبار الدالة على جواز العمل بخبر الثقة كما صرح بذلك في جملة من اخبار الطائفة الثانية وبعض الأخبار من الطائفة الثالثة بل يمكن أن يقال إن خصوص الأخبار الدالة على جواز العمل بخبر الثقة متواترة مضافا إلى احتفاف بعضها بالقرينة القطعية من جهة اعتماد الأصحاب عليها فيكون جواز العمل به مقطوعا لا محالة بل قد عرفت ان تعليق وجوب التبين على كون الجائي بالنبأ فاسقا كما في آية النبأ انما هو من جهة عدم تحرز الفاسق عن الكذب لما عرفت من اقتضاء مناسبة الحكم والموضوع ذلك وعليه فخبر الثقة الذي يتحرز عن الكذب وان لم يكن اماميا هو القدر المتيقن من أدلة حجية الخبر (ثم) ان هذه الأخبار وإن كان لا يستفاد منها حجية الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة كما كانت تستفاد من آية النبأ إلا أن الخطب في ذلك هين بعد عدم كون هذه الأخبار في مقام اثبات حكم ابتدائي تأسيسي وانما هي بصدد امضاء ما جرت عليه السيرة العقلائية ولا ريب ان سيرتهم جرت على العمل بالخبر الموثق الأعم من كون الرواية بنفسها أو كون راويها موثوقا به وبذلك يثبت حجية الخبر الصحيح القدمائي مطلقا واحتمال حجية خصوص الخبر الصحيح بين المتأخرين كما عليه جماعة من المتأخرين ضعيف لا يمكن القول به أصلا (وأما الاجماع) على حجية الخبر الواحد فيمكن تقريبه بأحد وجوه (الأول) دعوى الاجماع القولي على حجيته في مقابل السيد واتباعه المحصل لنا من تتبع أقوالهم بحجيته من زماننا إلى زمان الشيخين أو من نقلهم الاجماع على حجيته (الثاني) دعوى الاجماع حتى من السيد واتباعه على وجوب العمل بالخبر الغير العلمي في زماننا هذا مما انسد فيه باب القرينة الموجبة للقطع بصدور الخبر (ويرد) على هذين الوجهين انه لم يحصل لنا ظن في هذين الاجماعين بكون وجوب العمل بالخبر ثابتا للمجمعين بدليل لم يصل إلينا (إذ) يمكن أن يكون مدركهم في ذلك هي الأخبار المذكورة أو يكون فتواهم به من جهة قيام السيرة العقلائية على ذلك فلا يكون اتفاقهم على ذلك كاشفا عن دليل تعبدي كما هو ظاهر (الثالث) دعوى الاجماع العملي من الصحابة على العمل بالاخبار الموجودة فيما بأيدينا من الكتب المعتبرة (وفيه) ان ذلك وإن كان مسلما الا ان اجماعهم على ذلك تقييدي فإن كل واحد منهم انما يعمل بها لوجه خاص يخص به وليس مثل هذا الاجماع دليلا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم كما هو أوضح من أن يخفى (الرابع) دعوى جريان سيرة العلماء خلفا عن سلف من غير نكير (الخامس) دعوى جريان
(١١٤)