(وأما) الاشكال الثاني فملخصه ان وجوب الحذر المستفاد منه حجية قول المنذر إنما يثبت فيما إذا أحرز ان الانذار انما هو بما تفقه في الدين ومع الشك في صدق الراوي وكذبه لا يحرز ذلك ومعه يكون التمسك بالآية لاثبات حجية قول المنذر تمسكا بالعموم في الشبهة المصداقية وجوابه ان احراز كون الانذار بما تفقه في الدين اي بنفس الأحكام الشرعية انما يثبت بنفس وجوب التحذر الدال على الحجية لا مع قطع النظر عنه وهذه المغالطة انما نشأت من اخذ عقد الحمل في عقد الوضع ولو بني عليها لما أمكن التمسك بدليل ومن الغريب انه (قده) بنفسه تعرض لهذه المغالطة في مباحث الأقل والأكثر وتصدى للجواب عنها بما لا مزيد عليه ومع ذلك فقد وقع فيها في المقام ونحن قد تعرضنا لها مفصلا في بحث الصحيح والأعم حيث ذكرنا شبهة المانعين عن التمسك بعموم أوفوا بالعقود لاثبات صحة عقد مخصوص بان الموضوع لوجوب الوفاء هو العقد الصحيح لا غير وما لم يحرز ذلك لا يمكن التمسك به (واجبنا) بأن الصحة انما تثبت بنفس الحكم بوجوب الوفاء لا في مرتبة سابقة عليه فراجع (وبالجملة) الاعتناء بهذه المغالطة يوجب سد باب التمسك بكل دليل ولا اختصاص لها بخصوص المقام (واما) الاشكال الثالث فحاصله ان الآية لاشتمالها على لفظ الانذار الظاهر في الابلاغ مع التخويف لا يكون شاملة لاخبار الراوي إذ ليس في اخباره بما هو راو تخويف وايعاد فلا محالة تختص بانذار الوعاظ والمجتهد بنقل فتواه فيكون الاستدلال بها على وجوب الاجتهاد كفاية ووجوب التقليد على العوام أولى من الاستدلال بها على حجية الخبر وفيه ما عرفت من أن الانذار ان اخذ بما ينصرف إليه انصرافا بدويا وهو الانذار الابتدائي الاستقلالي فيكون فتوى المجتهد كإخبار الراوي خارجة عن مدلول الآية وان اخذ بما هو ظاهر فيه ولو بمعونة ترفعه على التفقه وهو الانذار التبعي الضمني الحاصل ببيان الحكم الشرعي فكما ان فتوى المجتهد تكون مشمولة لها فكذلك يكون اخبار الراوي أيضا فالتفكيك بين الفتوى والرواية في مشمولية الآية غير معقول وأما بقية الآيات التي استدل بها على حجية الخبر كآية الكتمان والسؤال والايمان فعدم دلالتها على حجية الخبر في غاية الوضوح فلا حاجة إلى التعرض لها أصلا وأما الاخبار فالاستدلال بها على حجية الخبر يتوقف على أن تكون قطعية من جهة التواتر والاحتفاف بالقرينة والا فالاستدلال بها على حجيته مستلزم لتوقف الشئ على نفسه (ثم) ان التواتر المفيد لقطعية الخبر اما أن يكون لفظيا أو معنويا أو اجماليا (والمراد) من الأول أن يكون الخبر
(١١٢)