سيرة المتشرعة على ذلك ويرد على هذين الوجهين ما أوردناه على الوجهين الأولين من عدم الظن بكون ذلك سيرة العلماء أو المسلمين بما هم كذلك بل الظاهر أنهم يعملون بالاخبار الموثوق بما انهم عقلاء فيرجع إلى (سادس) الوجوه وهو دعوى جريان سيرة العقلاء على العمل بالاخبار المفيدة للوثوق في عادياتهم وما يرجع إلى أمور دنياهم أو أخراهم وغاية ما يقتضيه الايمان هو كون الاعتماد والاعتناء بالأمور الراجعة إلى باب الإطاعه والمعصية في عرض الاعتناء بالأمور الراجعة إلى نظام المعيشة (ولا يخفى) صحة هذه الدعوى وان العمل بالخبر الموثوق به يجري عند العقلاء مجرى العمل بالظواهر ووجوب العمل بكل منهما انما يثبت بالسيرة القطعية العقلائية فلو لم يكن الشارع راضيا بما جرت عليه سيرتهم القطعية لكان عليه الردع عن ذلك كما في باب القياس وحيث لم يردع عنه فيثبت رضاه وامضائه ومن هذا البيان ظهر انه لا نحتاج في اثبات حجية السيرة العقلائية إلى أزيد من عدم الردع وأما احتمال الاحتياج إلى الامضاء وعدم كفاية عدم الردع فضعيف لا يعبأ به الا ان يراد من الامضاء مطلق الرضا حتى المستكشف من عدم الردع فيرجع النزاع لفظيا (فان قلت) أليست الآيات الناهية عن العمل بالظن كافية في ردع الطريقة العقلائية ومعها كيف يمكن استكشاف امضاء الشارع لها (قلت) كلا فإن النهي عن العمل بالظن فرع تحقق الظن خارجا كما هو الشأن في كل قضية خارجية أو حقيقية والظن يتقوم باحتمال الخلاف لا محالة ومع وجود دليل تعبدي على حجية امارة أو قيام سيرة العقلاء على العمل بها يكون احتمال الخلاف ملغى بالضرورة ولذا تقوم مقام القطع الطريقي أو المأخوذ في الموضوع على وجه الطريقية كما أوضحنا بيانه في مباحث القطع ومعه يكون الخبر الموثوق بصدوره خارجا عن موضوع الآيات بالحكومة كما أنه بدليل الحجية يكون حاكما على أدلة الأصول فالملاك في تقدم الامارات على الأصول بعينه موجود في تقدم السيرة العقلائية على الآيات الناهية عن العمل بالظن أيضا فلا بد في مقام الردع من ورود أدلة خاصة ناهية عن العمل بالسيرة كما وردت في باب القياس والمفروض انتفائها في المقام واما ما ذكره العلامة الأنصاري (قده) في مقام الجواب عن هذه الشبهة وحاصله ان الآيات الناهية عن العمل بالظن اما في مقام النهي عن التشريع أو عن العمل به في مقابل الأصول اللفظية أو العملية وكلا الوجهين غير قابلين للرادعية عن العمل بالسيرة فان حرمة التشريع والعمل بالأصول اللفظية والعملية مما ارتكزت في أذهان العقلاء ومع ذلك يعملون بالاخبار
(١١٥)