كعنوان الاكرام في قوله أكرم العالم ولا تكرم الفساق كان من صغريات باب التعارض، حيث إن قوله أكرم العالم يدل بإطلاقه على ثبوت الحكم بمبادئه حتى في حال فسقه، كما أن قوله لا تكرم الفساق يدل بإطلاقه الشامل لحال كونه عالما على عدم ثبوت الملاك في إكرام الفاسق، فيقع التكاذب في المجمع بين الدليلين، حتى بحسب الملاك والمقتضى (إذ كان) الأول مثبتا لوجود الملاك للاكرام بالنسبة إلى المجمع، وكان الثاني ولو بمدلوله الالتزامي نافيا له، فيقع بينهما التعارض فلا بد من الرجوع فيهما إلى الجمع الدلالي ان أمكن، والا فإلى المرجحات السندية إن كان لأحدهما مرجح، وبدونه فالتخيير بمقتضى النصوص العلاجية (وكل مورد) تعدد عنوان المأمور به والمنهي عنه بان بكون معروض الحكمين عنوانين مختلفين، كعنوان الغصب والصلاة في قوله صل ولا تغصب، وعنوان الاكرام والتوهين كقوله أكرم العالم وأهن الفاسق، كان من صغريات باب التزاحم (حيث يستكشف) من إطلاق المادة بل الهيئة أيضا في كل من الخطابين وجود الملاك في كل من العنوانين حتى في المجمع كما هو الشأن في جميع الخطابات، ولذا ترى بنائهم على كشف قيام المصلحة بمتعلق التكاليف على الاطلاق حتى في حال العجز عن امتثالها، مع الجزم باختصاص فعلية التكاليف بحال القدرة من غير تخصيص للمصلحة بحالها الا في فرض أخذ القدرة قيدا في حيز الخطاب، كما في الحج ونحوه (وحينئذ) فمع كشف قيام الملاك و المقتضى من إطلاق كل من الخطابين بموضوعهما من العنوان على الاطلاق حتى في المجمع، يندرج قهرا في باب التزاحم الذي حكمه هو الاخذ بأقوى الملاكين (وحينئذ) فينبغي ملاحظة معروض الحكمين من كونه عنوانا واحدا كعنوان الاكرام، أو عنوانين متغايرين (فعلى الأول) يندرج في صغرى باب التعارض، (وعلى الثاني) يندرج في صغرى باب التزاحم، من غير فرق في الصورتين بين ان يكون متعلق معروض الحكم عنوانا واحدا أو متعددا (لان) المدار في وحدة العنوان وتعدده على وحدة ما يكون معروض الحكم وتعدده لا على وحدة متعلق معروض الحكم وتعدده كما هو ظاهر (ولقد) تقدم منا في الجز الثاني من الكتاب في مبحث اجتماع الأمر والنهي شطرا وافيا من
(١٣١)