ومصححيته لاستحقاق العقوبة على المخالفة، ومن المعلوم ان هذا المعنى نظير السببية الحقيقية أمر ذاتي للشئ لكونه في الحقيقة عبارة عن الملازمة بين انكشاف الواقع واستحقاق العقوبة على مخالفته، من غير فرق في ذلك بين القطع وغيره من الامارات والحجج الشرعية (غير أن) في القطع يكون المعروض لهذه الحيثية ذات القطع لكونه عين انكشاف الواقع بلا تعلق جعل شرعي بحيث معروضيته، وفي غيره يكون معروضها مما تعلق به الجعل الشرعي تأسيسا أو إمضاء من الطريقية والكاشفية، كما في الامارات الجعلية، حيث إنه بتتميم كشفها وادعاء كونه علما تصير الامارة بما يستتبعه من الحكم الطريقي سببا لقطع عذر العبد ومصححا لاستحقاق العقوبة على مخالفة الواقع، بلا تعلق جعل منه بحيث منشئيتها لاستحقاق العقوبة، ففي الحقيقية مرجع الجعل فيها إلى تتميم ما هو معروض للحيثية المزبورة، لا إلى احداث العارض على نفس الذات، ومرجعه إلى احداث الجزم ببلوغ الحكم المحتمل وجوده في الاهتمام لدى المولى بمرتبة لا يرضى بمخالفته حتى في ظرف الشك به الذي هو بنفسه سبب لاستحقاق العقوبة على المخالفة.
(وبتقريب) آخر مرجع ذلك إلى قلب عدم البيان الذي هو موضوع حكم العقل بقبح العقوبة بالنقيض الذي هو البيان على الواقع (نعم) لو بيننا على عدم كفاية مجرد هذا الجعل ولو بما يستتبعه من الحكم الطريقي لتنجيز الواقع وقلب اللا بيان الموضوع لقبح العقوبة بالبيان المصحح لها (لاتجه) القول بمجعولية الحجية بنفسها في الامارات والطرق الشرعية، ولو بدعوى كونها من الاعتباريات الجعلية التي متى تحققت تستتبع حكم العقل بوجوب الاتباع و القاطعية للعذر (ولكنه) مع فساد المبني كما أوضحناه في مبحث الظن عند التعرض لوجه منجزية أوامر الطرق والامارات، مبني على اعتبار الواسطة في مثل القطع أيضا بين حيث كاشفيته ومنجزيته، وليس كذلك (بداهة) انه لا يرى العقل مصححا في حكمه بمنجزية القطع وقاطعيته للعذر الا حيث كاشفيته بلا اعتبار جهة زائدة عليها، وعليه لا مجال لاعتبار الواسطة في الامارات والالتزام بكونها مجعولة فيها، بل لا محيص من الالتزام بانتزاعية الحجية في