هؤلاء من إناء واحد ولو كانت أياديهم حين الاكل في كمال النظافة الظاهرية، وعدم استقذارهم من أيدي مثل الفلاح المستعمل للفواكه ولو كانت أيديهم من جهة استعمال الفواكه من الوسخ ما بلغ (ومن المعلوم) ان ذلك لا يكون الا من جهة ادعائهم القذارة في الأول الموجب لترتيبهم الآثار القذارة الخارجية عليه، وعدم اعتبارهم إياها في الثاني.
وعليه نقول: إنه يمكن ان يكون حكم الشارع بنجاسة ما لا يراه العرف قذرا كالخمر والكافر ونحوهما من هذا القبيل، فيكون مرجعه إلى نحو ادعاء من الشارع بقذارة ما يراه العرف طاهرا، وبالعكس بلحاظ ما يرى منه من المناط المصحح لهذا الادعاء بحيث لو يراه العرف أيضا لرتبوا عليه آثار قذاراتهم من دون ان يكون المناط المزبور هو عين الطهارة والنجاسة الشرعية كي تكونان من الأمور الواقعية التي كشف الشارع عنها ببيانه كما توهم (وبالجملة) فرق بين كون الشئ طاهرا أو قذرا خارجيا، وبين كونه طاهرا أو قذرا ادعائيا لمناط مخصوص (وعليه) لا وجه لجعلها بقول مطلق من الأمور الواقعية (نعم) على كل تقدير لا تكونان من الأحكام الوضعية حتى يأتي فيهما النزاع في كونهما مجعولة أو منتزعة من التكليف (إذ هما) اما من الأمور الواقعية، واما من الأمور الادعائية، فعلى الأول لا تكونان من الأمور الوضعية ولا مرتبطة بالجعل، (وعلى الثاني) وان كانتا مجعولة ولكن بالجعل بمعنى الادعاء لا الجعل الحقيقي كما هو ظاهر.
واما الرخصة والعزيمة فقد عدهما بعض من الأحكام الوضعية (ولكن) فيه منع واضح (فان) الرخصة والعزيمة عبارة عن السقوط على وجه التسهيل والسقوط على وجه الحتم والالزام، وهما مندرجان في الأحكام التكليفية لا الوضعية.
ومنها الحجية وقد اختار المحقق الخراساني قدس سره وبعض آخر كونها مجعولة بنفسها لا منتزعة من أمر مجعول نظير الملكية ونحوهما من منشئات العقود والايقاعات (ولكن) لا يخلو ذلك عن غموض وإشكال (فان) حقيقة الحجية على ما تقدم في مبحث القطع لا تكون الا عبارة أخرى عن منشئية الشئ لقطع عذر العبد