الشئ وبعد ذلك، نقول إنه من الواضح عدم تحقق هذا المناط بالنسبة إلى أجزأ المركب، فإنها باعتبار كونها عين المركب بحسب الهوية والوجود لا يكاد يتصور فيها ملاك المقدمية، ولو على القول بان المركب عبارة عن الاجزاء مع وصف الاجتماع، لان لازم ذلك هو دخول الاجزاء في المركب وعينية وجودها مع وجوده، غاية الأمر على نحو الضمنية - لا الاستقلالية - ولازمه انتفاء ملاك المقدمية فيها أعني استقلال كل من المقدمة وذيها في الوجود وتقدمها على ذيها رتبة - نعم - لازم ذلك هو تقدم بعض أجزأ المركب على البعض الاخر وهو الجز الصوري أعني وصف الاجتماع، نظير تقدم ذوات أخشاب السرير على الهيئة السريرية العارضة عليها - وذلك غير مرتبط بمقدمية الاجزاء للمركب - لان المركب حينئذ عبارة عن الأجزاء الخارجية مع الجز الصوري - لا انه عبارة عن خصوص الجز الصوري والهيئة الاجتماعية - والا يلزم خروج الاجزاء عن كونها مقدمات داخلية - لاندراجها حينئذ في المقدمات الخارجية، نظير الطهارة والستر والقبلة بالنسبة إلى الصلاة - وهو خلف - على أنه - من الواضح انه ليس مناط تركب الواجب بما هو واجب و ارتباطه على مثل هذه الوحدة الناشئة عن اجتماع أمور متكثرة تحت هيئة واحدة خارجية، بل المناط كله في تركب الواجب وارتباط بعض اجزائه بالآخر واستقلاله، انما هو بوحدة الغرض والتكليف المتعلق بأمور متكثرة وتعددهما (فإنه) بقيام تكليف واحد بأمور متكثرة تبعا لوحدة الغرض القائم بها، ينتزع منها في مرتبة متأخرة عن تعلق الوجوب بها عنوان التركب والارتباط للواجب وعنوان الكلية للمجموع والجزئية لكل واحد منها ولو لم تكن تحت هيئة واحدة خارجية أو غيرها من زمان أو مكان ونحو ذلك، كما في إطعام ستين مسكينا في الكفارة (كما أنه) بتعلق تكاليف متعددة مستقلة و أغراض كذلك بكل واحد منها، ينتزع منها استقلال كل واحد منها في عالم الواجبية، فيكون كل واحد واجبا مستقلا ناشئا عن غرض مستقل له امتثال وعصيان مستقل في قبال الاخر ولو مع فرض كونها في الخارج تحت هيئة مخصوصة خارجية كهيئة السير مثلا، غاية الأمر اعتبار كونها تحت هيئة خاصة أوجب تلازم امتثالها خارجا (ولكن) مجرد ذلك لا يوجب خروجها عن كونها واجبات مستقلة غير مرتبط أحدها
(٣٧٧)