العلم الاجمالي بالأحكام انما هو من لوازم جريان الأصول اللفظية و الجهية في الطرق المجعولة وجريان هذه الأصول منوط بوصول تلك الطرق إلى المكلف تفصيلا بنحو يميزها عن غيرها كي بالعلم بها وظهورها وجهة صدورها ينحل العلم الاجمالي الكبير (والا) فمع عدم العلم بها تفصيلا لا يكاد تجري فيها الأصول اللفظية والجهية و مع عدم جريانها يبقى العلم الاجمالي الكبير بالتكاليف على حاله و مقتضاه هو الخروج عن عهدتها علماء مع التمكن منه وظنا مع عدم التمكن من العلم (فمدفوع) بأنه يتم ذلك في فرض عدم الجزم بظهور ما هو الصادر إجمالا (والا) ففي فرض الجزم بظهوره فلا قصور في جريان الأصول وحجية مثل هذا الظهور المعلوم صدوره إجمالا بين الاخبار وسببيته لانحلال العلم الاجمالي الكبير بالأحكام الواقعية كما لا يخفى، وعليه لا مجال للاشكال على الفصول من هذه الجهة (نعم) يمكن الاشكال عليه بمنع العلم الاجمالي المستقل بجعل الطرق المخصوصة للتكاليف، ومنع كونها فيما بأيدينا فيمنع حينئذ أصل العلم الاجمالي بجعل الطرق الخاصة للتكاليف ولو إمضاء إذ من الممكن إيكال الشارع وإحالته للعباد في امتثال التكاليف إلى ما تداول بينهم في امتثال أحكام مواليهم العرفية من الرجوع أولا إلى العلم الحاصل من تواتر النقل ومع فقده إلى الظن والاطمئناني أو الاخذ بالاحتياط ومع هذا الاحتمال لا مجال لدعوى القطع بنصب الشارع طرقا خاصة إلى ما هو المجعول من الأحكام الواقعية بتوهم ان كل حاكم لا بد له من نصب طرق خاصة إلى أحكامه المجعولة في مقام السلوك إليها وان الشارع أيضا غير متخط عن تلك الطريقة المألوفة (ولعله) لما ذكرنا أنكر السيد قده ومن تبعه نصب طرق خاصة للأحكام الواقعية (نعم) دعوى العلم الاجمالي بمطلق الوظيفة الفعلية أعم من الواقعية والظاهرية كما هو مقتضى التقريب الثاني في محلها (ولكنه) غير دعوى العلم الاجمالي المستقل بجعل طرق خاصة بمقدار المعلوم بالاجمال وهذا هو الذي منعنا عنه (كيف) و انه لو كان لبان واشتهر لعموم البلوى به وتوفر الدواعي إلى نقله (و اما الانتصار) له بان الممنوع انما هو نصب الشارع واختراعه طرقا مخصوصة للأحكام بنحو التأسيس فإنها هي التي تتوفر الدواعي إلى نقلها (واما) كونه بنحو الامضاء فلا مانع من دعوى العلم الاجمالي بإمضاء الشارع لبعض ما بيد العرف والعقلاء من الطرق العقلائية
(١٦٨)