انه لم يكن لهم رادع شرعي نعم ذلك انما يكون في السيرة العقلائية فإنها بعد عدم مضادتها وجودا مع الردع الشرعي يحتاج حجيتها إلى إثبات عدمه واما بناء العقلا على الاعتماد بخبر الثقة والاتكال عليه في أمورهم الشرعية وغيرها مما يرجع إلى مصالحهم الدنيوية فلا شبهة في تحققه بمقتضى ارتكازاتهم والجبلة والفطرة المودعة فيهم وإلى ذلك يرجع ما في بعض الأخبار المتقدمة من السؤال عن وثاقة الراوي لا عن حكم العمل بقوله وكذا ما ورد في تلك الأخبار من التعليل بالثقة في مقام الارجاع إلى رواة الحديث بل من تلك الأخبار يستفاد كونها طرا في مقام الامضاء لما عليه الطريقة المألوفة العقلائية من جواز العمل بقول الثقة وحجيته في الاحكام لا في مقام تأسيس الحجية وجواز العمل باخبار الثقة (بل ويمكن) إثبات الامضاء أيضا بمعونة عدم الردع إذ لولا رضاء الشارع بها يلزمه ردعهم عما استقر عليه طريقتهم (والآيات) الناهية عن العمل بما وراء العلم غير صالحة للردع عن بنائهم بعد كون عملهم به من باب تتميم الكشف وكونه من افراد العلم الموجب لعدم التفاتهم إلى احتمال الخلاف إذ لا يكاد يرون العمل به حينئذ من باب العمل بغير العلم كي يصلح الآيات للردع عن ذلك فلا بد حينئذ في فرض عدم رضائه بذلك من ردعهم ببيان آخر نعم انما تصلح الآيات الناهية للردع إذا لم يكن بنائهم من باب تتميم الكشف واما إشكال الدور فقد عرفت الجواب عنه في طي أدلة النافين واما دليل العقل فتقريره من وجوه (الأول) العلم الاجمالي بصدور كثير من الاخبار المتضمنة للتكاليف المودعة فيما بأيدينا من الكتب عن الأئمة عليهم السلام بمقدار واف بمعظم الفقه كما يظهر ذلك بمراجعة أحوال الرواة في تراجمهم من حيث شدة اهتمامهم ومواظبتهم على حفظ الأحاديث وأخذها من الكتب المعتبرة وتنقيح ما أودعوه في كتبهم لئلا يودع فيها الاخبار المدسوسة المكذوبة على الأئمة عليهم السلام حتى أنهم من شدة مواظبتهم في ذلك كانوا غير معتنين باخبار من كان يعمل بالقياس ومتحرزين عمن كان يروى عن الضعفاء أو يعتمد على المراسيل وإن كان هو بنفسه من الثقات كما اتفق ذلك بالنسبة إلى البرقي الذي هو من أجلتهم ويشهد لما ذكرنا ما عن علي بن الحسين بن الفضال من أنه لم يرو كتب أبيه معتذرا بأنه يوم مقابلته الحديث مع أبيه كان صغير السن ليس له كثير معرفة بالروايات فقرأها
(١٣٨)