من جهة كونه أحد المصاديق أو أفضلها، وحينئذ فنفس فهمهم التنافي بينهما في المثال شاهد ما بيناه من التسالم في ظهور عقد الوضع في القضايا كلية على أن العنوان المأخوذ فيها مما له الدخل بخصوصيته الشخصية في ترتب الحكم، إذ حينئذ بعد ظهور دليل المقيد في دخل الايمان بخصوصيته في وجوب العتق وإحراز وحدة المطلوب ولو من الخارج، يقع بينهما التعارض فيحتاج إلى حمل المطلق منهما على المقيد، وهكذا في قوله: أكرم زيدا، وقوله:
أكرم عمرا، حيث إنه مع العلم بوحدة المطلوب يقع بينهما التعارض، ومعلوم انه لا يكون له وجه الا ظهور كل من الدليلين في مدخلية خصوصية العنوان، وان كل عنوان بخصوصيته تمام الموضوع للحكم، لا بما انه مصداق للجامع وان الواجب انما هو إكرام الانسان، و على ذلك نقول: بأنه بعد تسلم هذا الظهور في عقد الوضع في كلية القضايا فلا جرم لا يبقى مجال النزاع في المقام في المفهوم وعدمه إلا في طرف عقد الحمل في القضية، في أنه هل هو السنخ والطبيعة المطلقة أو الشخص والطبيعة المهملة؟ فمع إحراز كون المحمول هو الحكم السنخي فلا جرم بمقتضى الظهور المزبور في عقد الوضع في دخل الخصوصية يستفاد انتفاء الحكم بانتفاء الخصوصية.
ومما يشهد لما ذكرنا أيضا تصريحاتهم كما سيجئ بخروج القضايا المتكفلة لشخص الحكم عن حريم النزاع وعن المفهوم المصطلح، وتعليلهم لذلك بان انتفاء شخص الحكم بانتفاء موضوعه أو بعض قيوده عقلي غير قابل للنزاع فيه في البقاء وعدمه. إذ نقول: بأنه لولا الظهور المزبور في دخل الخصوصية لكان من المحتمل ان يكون هناك فرد علة أخرى توجب بقاء ذلك الحكم الشخصي، بان كان العلة في الحقيقة للحكم الشخصي هو الجامع بينهما وان المذكور في القضية أحد فردي الجامع، ومن المعلوم انه مع تطرق هذا الاحتمال لا مجال لجعل الانتفاء فيه عقليا عند الانتفاء الا بتسلم الظهور المزبور في عقد الوضع.
وعليه نقول: بأنه إذا كان ذلك يوجب انتفاء الحكم الشخصي عند الانتفاء فليكن الامر كذلك في الحكم السنخي أيضا، فمع إحراز الحكم السنخي فقهرا بمقتضى الظهور المزبور في دخل الخصوصية يلزمه عقلا انتفاء الحكم بانتفاء الخصوصية من دون احتياج إلى إثبات العلية المنحصرة، واما توهم عدم كفاية هذا المقدار في الحكم بانتفاء الحكم السنخي لولا إثبات انحصار العلة، بدعوى انه بدونه يحتمل ان يكون هناك علة أخرى توجب شخصا آخر من الحكم مثله، ومعه فلا يمكن الحكم بانتفاء السنخ بهذا المقدار الا