على الطلب في قوله (افعل) بعد ما كانت بالملازمة، من جهة كونه أي الطلب ملزوما للنسبة الارسالية التي هي مدلول الهيئة، لا مدلولا لها بالمطابقة، كما هو مختار الكفاية، وكان المهم أيضا إثبات السنخ والاطلاق في طرف الحكم والطلب، فلا بأس حينئذ بلحاظ الاطلاق و التقييد بالنسبة إلى ذلك الطلب الملازم مع الارسال، ولو على القول بخصوص الموضوع له في الحروف والهيئات، من جهة انه لا ملازمة بين خصوصية المدلول في الهيئة مع خصوصية ما يلازمه، فأمكن ان يكون المدلول في الهيئة جزئيا وخاصا، ومع ذلك يكون ملزومه و هو الطلب كليا، وحينئذ فإذا كان المهم في المقام هو إثبات السنخ في طرف الحكم والطلب فأمكن إثبات السنخ من غير طريق الهيئة و لو بمثل الاطلاق المقامي ونحوه.
الوجه الثاني: ما أفاده دام ظله أخيرا، وتقريبه انما هو بدعوى ان مفاد الحروف وكذا الهيئات وإن كان جزئيا، لكونها عبارة عن اشخاص الارتباطات الذهنية المخصوصة المتقومة بالطرفين، إلا انها تبعا لكلية طرفيها أو أحد طرفيها قابلة للاتصاف بالكلية، كما في قولك: الانسان على السطح والماء في الكوز والسير من البصرة إلى الكوفة، في قبال قولك:
زيد على السطح وهذا الماء في هذا الكوز وسرت من النقطة الكذائية من البصرة إلى النقطة الكذائية من الكوفة، فان السير وكذا البصرة في قولك (السير من البصرة) لما كان كليا وقابلا للانطباق في الخارج على الكثيرين كالسير من أول البصرة ووسطها و آخرها فقهرا تبعا لكلية هذين المفهومين تتصف تلك الإضافة والربط الواقع بينهما أيضا بالكلية، وهكذا في قولك: الانسان على السطح أو الماء في الكوز، حيث إنه تبعا لكلية الطرفين تتصف تلك النسبة والربط والاستعلائية أو الظرفية بالكلية، فينحل إلى الروابط المتعددة، فيصدق في الخارج على زيد الكائن على السطح، وعلى عمرو الكائن على السطح وهكذا، ولا نعنى من كلية المعنى الا كونه قابلا للانطباق في الخارج على الكثيرين، ويقابله قولك:
زيد على السطح، حيث إن ذلك الربط الخاص حينئذ تبعا لجزئية المتعلق غير قابل للانطباق في الخارج على الكثيرين. وحينئذ فعلى هذا البيان صح ان يقال: بان تلك النسب والروابط التي هي مفاد الحروف والهيئات بنفسها لا تتصف بالكلية والجزئية، بل وانما اتصافها بالكلية والجزئية تابع كلية طرفيها أو أحدهما، فمتى كان أحد طرفيها كليا قابلا للصدق في الخارج على الكثيرين فلا جرم تبعا لكليته تلك الإضافة والربط القائم