الفريقين صغرويا محضا وإلا فعلى فرض السراية المزبورة لا يكاد يظن من أحد الالتزام بالجواز، كما أنه في فرض عدم السراية و تعدد المتعلقين في المجمع لا يظن من أحد الالتزام بالامتناع، ومن ذلك ترى ان القائل بالجواز تمام همه إثبات عدم السراية اما بنحو مكثرية الجهات أو من جهة تعدد حدود الشئ أو غير ذلك، وحيث كان كذلك نقول: إن مدرك القول بالجواز على ما يأتي بيانه مفصلا تارة يكون من حيث مكثرية الجهات بنحو يكون الوجود الواحد مجمع الجهتين ومركز الحيثين فيكون إحدى الجهتين معروض الامر و الأخرى معروض النهي غايته انه كان المركزان موجودين بوجود واحد من غير فرق عنده بين كون متعلق الأمر صرف وجود الشئ أو الوجود الساري ولا بين كون متعلقه هو الطبيعي أو الافراد بدوا أو بتوسيط السراية إليها من الطبيعي.
وأخرى يكون مبنى الجواز من جهة وقوف الامر على نفس الطبيعي وعدم سرايته إلى الفرد ولا إلى الوجود خارجا وان لم يكن اختلاف بين العنوانين بحسب المنشأ ولا كان تكثر جهة في البين أصلا كما على المسلك المتقدم.
وثالثة يكون من جهة اختلاف أنحاء حدود الشئ الواحد بنحو ينتزع من مراتب وجود شئ واحد من كل حد ومرتبة عنوان غير ما ينتزع من المرتبة الأخرى منه كما عرفت تحقيقه في مبحث الواجب التخييري حيث قلنا فيه بإمكان ان يكون الشئ الواحد مع وحدته وجودا وماهية ببعض حدوده تحت الالزام وببعض حدوده تحت الترخيص فيكون الشئ على هذا المسلك مع وحدته وجودا وجهة ببعض حدوده تحت الامر وببعض حدوده الاخر تحت النهى.
وإذ عرفت ذلك نقول بأنه بعد هذا الاختلاف في مسالك الجواز وتعدد المشارب المزبورة فيه، لا وجه لتحديد مركز النزاع في عنوان المسألة بصورة اختلاف العنوانين حقيقة وتباينهما منشأ.
كما أنه لا وجه أيضا لتحرير المسألة باجتماع الامر والنهى الظاهرين في الفعلية في وجود واحد ولو بجهتين، حيث إن ذلك مما لا يكاد يصح على شئ من المشارب المزبورة.
وذلك: اما على مشرب مكثرية الجهات فظاهر لوضوح ان تكثر الجهة انما كان يجدى في رفع محذور اجتماع الضدين لا في رفع محذور التكليف بالمحال وما لا يطاق فلا يكاد يمكن حينئذ اجتماع الامر الفعلي ولو بجهة مع النهي الفعلي بجهة أخرى في المجمع مع كون