البحث في تلك المسألة إلى دلالة الصيغة على المرة أو التكرار، ورجوعه في المقام إلى اقتضاء الاتيان بالمأمور به ثبوتا لسقوط الامر.
ومما ذكرنا ظهر أيضا جهة الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة تبعية القضاء للأداء وعدم ارتباط إحداهما بالأخرى، كما توهم أيضا بخيال أن التبعية بعينها عبارة عن القول بعدم الأجزاء كعينية القول بالاجزاء مع القول بكونه بأمر جديد، وتوضيح الفرق هو ان البحث في تلك المسألة انما هو في مورد عدم الاتيان بالمأمور به على وجهه اما لعدم الاتيان به رأسا أو الاتيان به على غير وجهه المعتبر فيه شرعا، بخلاف المقام فان البحث فيه انما هو في مورد الاتيان بالمأمور به على وجهه، فهما متقابلان حينئذ كما هو واضح.
وإذ تمهدت هذه الجهة فلنرجع إلى ما هو المهم والمقصود فنقول: ان الكلام في الأجزاء وعدمه يقع تارة في أجزأ الاتيان بالمأمور به الواقعي الاختياري عن الاتيان به ثانيا وكذا الاتيان بالمأمور به الاضطراري والمأمور به بالامر الظاهري عن مثله، وأخرى في أجزأ الاتيان بالمأمور به الاضطراري عن المأمور به الاختياري في عدم التعبد به بعد رفع الاضطرار، وثالثة في أجزأ الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهري عن المأمور به بالامر الواقعي في سقوط التعبد به بعد انكشاف الخلاف، فهنا مقامات ثلاثة وينبغي إشباع الكلام في كل واحد من المقامات المزبورة، فنقول:
اما المقام الأول فيقع الكلام فيه في أجزأ الاتيان بالمأمور به الواقعي الاختياري عن التعبد به ثانيا، فنقول لا ينبغي الاشكال في أن الاتيان بالمأمور به الواقعي بجميع ما اعتبر فيه شرعا وعقلا كان موجبا لسقوط الامر عن الطبيعة المأمور بها ومجزيا عن التعبد به ثانيا من جهة انه بمجرد الاتيان بالطبيعي في الخارج في فرض مطلوبية صرف الوجود لا الوجود الساري يتحقق الامتثال وينطبق عليه عنوان الإطاعة و معه يسقط الامر والتكليف عنه لا محالة ولا يبقى مقتض للاتيان به ثانيا بوجه أصلا، كما لا يخفى. هذا إذا كان قضية الاتيان بالمأمور به في الخارج علة تامة لحصول الغرض الداعي على الامر به ولقد عرفت ان الأجزاء في مثله عقلي محض لاستقلال العقل حينئذ بسقوط الغرض وسقوط الامر بسقوطه بمجرد الموافقة وإيجاد المأمور به، واما لو لم يكن مجرد الاتيان بالمأمور به علة تامة لحصول الغرض وتحققه بل كان لاختيار المولى أيضا دخل في حصول غرضه كما نظيره في العرفيات في مثل أمر المولى عبده بإتيان الماء وإحضاره عنده لأجل الغرض