في البين قرينة قطعية على الخلاف، حيث إن مجرد وقوعه عقيب الحظر أو توهمه لا يمنع عن الحمل على الحقيقة، وأما لو بنينا على حجيتها من باب الظهور التصديقي كما هو التحقيق ففي ذلك لا مجال للحمل على الوجوب، لأنه بمحض اقترانه بما تصلح للقرينية ينتفي ظهوره فيما كان ظاهرا فيه، فلا يبقى له ظهور في الوجوب بل ولا في الاستحباب أيضا بحيث لو قام بعد ذلك دليل على الخلاف يحكم بالمعارضة بينهما، ضرورة انه بعد ارتفاع ظهوره في الوجوب لا مقتضى في تعين ظهوره في غيره من الاستحباب أو الإباحة بالمعنى الأخص بل هو يصير حينئذ مجملا من تلك الجهة غير ظاهر في شئ مما ذكر إلا مع قيام القرينة في البين على إرادة الندب أو الإباحة أو على حكم ما قبل النهي، وإلا فمع خلو المقام عن القرينة لا يكون فيه ظهور لا في الوجوب ولا في الندب ولا في الإباحة بالمعنى الأخص، نعم يستفاد من هذا الامر عدم الحرج في الفعل وإباحته بالمعنى الأعم الذي هو جامع بين الوجوب والندب والإباحة بالمعنى الأخص، و من ذلك يحتاج في تعيين إحدى الخصوصيات إلى ملاحظة خصوصيات الموارد وقيام القرينة على التعيين. نعم يمكن ان يقال باستفادة الاستحباب في خصوص العبادات نظرا إلى اقتضاء الامر فيها لمحبوبية المتعلق ورجحانه، إذ حينئذ بعد ارتفاع ظهوره في الوجوب من جهة وقوعه عقيب الحظر أو توهمه يمكن الحكم باستحبابه نظرا إلى قضية ظهوره في محبوبية المتعلق ورجحانه، ففي الحقيقة استفادة الاستحباب حينئذ في العبادات انما هو لمناسبة خصوصية المورد لا من جهة ظهور الامر في الاستحباب بعد ارتفاع ظهوره في الوجوب، كما هو واضح.
ثم إنه مما ذكرنا ظهر لك حال النهي الواقع عقيب الوجوب أو توهمه، حيث نقول فيه أيضا بعدم ظهوره لا في الحرمة ولا في الكراهة.
الجهة السابعة:
هل الصيغة تقتضي المرة والتكرار أو لا تقتضي إلا صرف وجود الطبيعي الذي يتحقق بأول وجوده؟ فيه وجوه وأقوال: أقواها الأخير كما ستعرف.
وقبل الخوض في المرام ينبغي تعيين المراد من القول بالمرة والتكرار، حيث إن فيها وجوها ثلاثة: