نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
الجهة الخامسة لا يخفى عليك ان إطلاق الصيغة يقتضى كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيا، من جهة احتياج غيره من الغيري والتخييري والكفائي إلى مئونة زائدة غير مناسبة مع قضية الاطلاق، إذ يحتاج الغيري إلى تقيد وجوبه بتقدير دون تقدير وهو تقدير وجوب أمر آخر، و التخييري إلى بيان انه واجب على تقدير عدم الاتيان ببدله فيحتاج إلى بيان لفظ (أو) مثلا بقوله: يجب هذا أو ذاك، والكفائي إلى التقيد بصورة عدم اقدام الغير. وهذا بخلافه في النفسي التعييني العيني، فإنه واجب على كل تقدير، فكان هذه القيود كلها يدفعها قضية إطلاق الصيغة.
الجهة السادسة إذا ورد أمر عقيب الحظر أو توهمه، فهل هو ظاهر في الوجوب؟ كما لو لم يكن في البين حظر ولا توهمه، أو لا؟ وعلى الثاني فهل هو ظاهر في الاستصحاب؟ أو في الإباحة؟ كما ينسب إلى المشهور، أو انه تابع لما قبل النهي لو علق الامر على زوال علة النهي؟ أو مطلقا؟
وجوه بل أقوال. والظاهر أن مورد النزاع ومحل الكلام بينهم انما هو في مورد كان متعلق الأمر بعينه هو المتعلق للنهي من حيث العموم والخصوص كما في قوله: لا تكرم النحويين، أو لا تكرم زيدا، وقوله بعد ذلك: أكرم النحويين، أو أكرم زيدا، وإلا فمع اختلاف متعلق الأمر والنهي من جهة العموم والخصوص كان خارجا عن موضوع هذا النزاع نظير قوله: لا تكرم النحويين، وقوله: أكرم الكوفيين منهم، فإنه في مثله لا بد من التخصيص أو التقيد الكاشف عن عدم تعلق النهي بالخاص من أول الأمر، كما يشهد لذلك بناء العرف في نحو ذلك بحمل العام والمطلق فيها على الخاص والمقيد.
وحينئذ فبعد أن اتضح مورد النزاع بينهم، نقول: بأنه ان بنينا على حجية أصالة الحقيقة من باب التعبد العقلائي فلا شبهة في أن لازمه هو الحمل على الوجوب ما لم يكن
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»