نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٧
...........
ما يمكن ان يقال هو ان التكليف لما كان مشروطا بالقدرة والاختيار عقلا امتنع الاطلاق في كل من الهيئة والمادة اما الهيئة فلان مفادها على الفرض مشروطا بالاختيار عقلا واما المادة فلسراية تقييد الهيئة إليها ومعه لم يبق مجال لتوهم الاطلاق فضلا عن صحة التمسك به إلا أنه يمكن النظر في ذلك بما أشرنا إليه فيما سبق من أنه قد تكون للكلام دلالات وظهورات متعددة فإذا سقط بعضها عن الحجية فلا موجب لسقوط الاخر بل القاعدة تقضي ببقائه على الحجية وما نحن فيه من هذا القبيل فان إطلاق الهيئة ببعض ظهوره وإن كان مقيدا عقلا بالاختيار فظهورها في الاطلاق وان سقط عن الحجية للقرينة العقلية إلا أن ظهورها في كون المادة ذات مصلحة ملزمة لا موجب لسقوط عن الحجية وعليه يكشف إطلاقها عن إطلاق المصلحة القائمة فيها.
(ولكن قد يستشكل) في ذلك بان إطلاق المادة وإن كان يقتضي بحصول الغرض من الامر وان صدرت من المكلف بلا اختيار ولازم ذلك سقوط التكليف حين صدورها من المكلف بلا اختيار لحصول الغرض الداعي إليه ولكن ذلك ينافي مقتضى إطلاق الهيئة إذ بعد تقييد الهيئة بالقدرة ولو بحكم العقل يكون مفادها لزوم الاتيان بالمادة في حال الاختيار ومقتضى إطلاقها لزوم الاتيان بالمادة في حال الاختيار وان صدرت من المكلف في حال بلا اختيار وعليه يقع التهافت بين إطلاقي الكلام الواحد (ويمكن الجواب) عن ذلك بان الخطاب مع قطع النظر عن تقييده عقلا بحال الاختيار مطلق بالإضافة إلى حالتي الاختيار والاضطرار وبعد تقيده عقلا بحال الاختيار يسقط ظهوره في الاطلاق المزبور عن الحجية ولكن لا ينعقد للمقيد ظهور في الاطلاق الأحوالي بالإضافة إلى الاتيان ببعض افراد غير المقيد كما هو الشأن في التقييد بالمنفصل فان التقييد بالمنفصل لا يوجب إلا سقوط ظهور المطلق في الاطلاق عن الحجية ولا ينعقد معه ظهور للمقيد في التقييد بخلاف التقييد بالمتصل فإنه ينعقد معه للمقيد ظهور في الاطلاق الأحوالي بالإضافة إلى الاتيان بغير افراده و عدمه وبما ان التقييد بحال الاختيار في المقام انما حصل بدليل منفصل وهو دليل العقل لم ينعقد للمقيد المزبور ظهور في الاطلاق إلى الاتيان بالفرد الاضطراري.
ومن هنا يظهر الجواب عن إشكال آخر وهو ان مدلول الهيئة محصور بصورة الاختيار لان الداعي إليه هو البعث واحداث الداعي في نفس المأمور وذلك يختص بصورة صدور الفعل عن اختيار المأمور فيزاحم حينئذ مقتضى إطلاق المادة بل يمنع عن استفادة الاطلاق في ناحية المادة، وملخص الجواب ان اختصاص الهيئة بما ذكر بحكم العقل العقل الذي هو من التقييد المنفصل فلا ينافي ظهور الهيئة في تحقق مبادئ الطلب من الإرادة والمصلحة مطلقا وان قيدت
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»