...........
من المثالين المزبورين وعليه يكون فعل غير المكلف كفعله في تحصيل الغرض الداعي إلى وجوب ذلك الفعل الفعل على المكلف به فكما ان ملاك الوجوب التخييري هو حصول الغرض بكل من فعلي المكلف أو أفعاله المقتضى ذلك لتخييره شرعا أو عقلا بينهما كذلك يكون ملاك الوجوب الذي يسقط عن المكلف بفعل غيره توصليا كان أم تعبديا كما أشرنا إليه وبما ان فعل غير المكلف خارج عن قدرة المكلف واختياره لا يصح ان يخاطب به بنحو التخيير بين فعله وفعل غيره ولكن لما كان المكلف يعلم أن هذا التكليف يسقط عنه بفعل غيره يخيره العقل بين ان يفعله هو بنفسه وبين ان يتسبب إلى فعل غيره فان فعله سقط عن المكلف التكليف وإلا بقي مخاطبا به لان الخطاب بمثل هذا الفعل متوجه إلى المكلف في حين عدم فعل غيره إياه كما هو الشأن في الواجب التخييري حيث علمت أن الخطاب بكل من الفعلين أو الافعال متوجه إلى المكلف حين عدم الاخر، ومن هذا البيان ظهر ان خطاب المكلف بالفعل الذي يسقط وجوبه عنه بفعل غيره لا يكون مشروطا بعدم فعل الغير كما توهم بل هو خطاب توجه إليه في حين عدم فعل الغير كما هو شأن الواجب التخييري كما أشرنا إليه، كما ظهر ان الخطاب في مثل هذا الواجب لم يتعلق بالجامع بين فعل المكلف وفعل غيره كما يتعلق به في الواجب التخييري وذلك لخروج فعل الغير عن قدرته واختياره، كما ظهر أيضا ان الخطاب لم يتعلق به بنحو التخيير بينه وبين التسبيب، إلى فعل غيره لان الجامع الذي يحصل به الغرض ليس مشتركا بين فعل المكلف وبين التسبيب إلى فعل غيره بل بين فعل المكلف وبين نفس فعل الغير كما لا يخفى وانما العقل يرشد المكلف إلى ما يسقط به التكليف عنه وهو فعل الغير فيتسبب إليه بما يراه سببا لصدور الفعل من الغير ومما ذكرنا اتضح لك ما في كلام بعض الأعاظم (قده) في المقام من الوهن كما هو محرر في تقريراته.
(إذا عرفت هذه المقدمة) تعرف ان إطلاق الخطاب يقتضي كون الوجوب مطلقا في جميع الأحوال وأزمان الامكان لا انه قضية حينية أي انه ثابت في حين دون وحال دون حال ونتيجة ذلك هو عدم سقوط الوجوب عن المكلف وعدم حصول الغرض بفعل غيره (ان قلت) ان مقتضى إطلاق المادة قيام المصلحة والغرض بها وان صدرت من الغير (ولا يتوهم) تقييده بتقيد إطلاق الهيئة بخصوص الصادر من المأمور لخروج فعل الغير عن قدرته (لان ذلك) بسبب حكم العقل الغير الموجب لانقلاب إطلاقها إلا من جهة الحجية لا في أصل الظهور حتى يسرى إلى المادة (قلت) الامر كما ذكر ان فرضنا التمسك بحكم العقل في اختصاص الهيئة ولكن نحن نعتمد على ظاهر توجيه الخطاب والطلب المقتضى لحصره في فعل المأمور فيمنع عن تمامية إطلاق المادة بحيث يستكشف قيام المصلحة حتى في