نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
...........
الموضع الأول فالتحقيق يقتضي ان إطلاق الخطاب يقتضي صدور الفعل من المكلف مباشرة وعليه لا يكفي صدور الفعل بالتسبيب أو الاستنابة به فضلا عن صدوره من غيره بلا تسبيب أو استنابة وبيان ذلك يتوقف على تمهيد (مقدمة) وهي ان التخيير مطلقا بين فعلين أو أفعال لا بد ان يكون بلحاظ الجامع بين الفعلين أو الافعال الذي يحصل به غرض المكلف فلا محالة تكون خصوصيات الافعال المخير بينها خارجة عن حيز الإرادة ومباديها من المصلحة والحب ونحوهما وعليه يكون كل فعل من الفعلين أو الافعال المخير بينها مخاطبا ومأمورا به حين عدم الاخر لا مقيدا أو مشروطا بعدمه ليلزم الدور ولا مطلقا ليلزم كون الوجوب في كل منهما تعيينيا وان شئت فعبر عن الوجوب المزبور بالإرادة الناقصة أعني بها إرادة الفعل في جميع أحوال الامكان إلا في حال الاتيان بالفعل المعادل له. هذا كله فيما لو كان كل من الفعلين أو الافعال مقدورا للمكلف، واما إذا خرج أحدهما عن قدرته وبقي أحدهما مقدورا له أو كان كذلك حين جعل الحكم فالمشهور انه يصير المقدور منهما واجبا تعيينيا لانحصار الخطاب فيه (ولكن التحقيق) يقتضي ببقاء ذلك الفعل المقدور على وجوبه التخييري كما كان عليه قبل امتناع عدله - فيما لو كان كل منهما مقدورا حين الخطاب - أو كما لو كان كل منهما مقدورا حين الخطاب - فيما لو كان أحدهما ممتنعا حين جعل الحكم - وذلك لان الوجوب عبارة عن الإرادة التشريعية التي أظهرها الشارع بما يدل عليها للمكلف ولا ريب في أن الإرادة تتبع في مقام تعلقها بالمراد المصلحة القائمة فيه ولا شبهة أيضا في أن المصلحة الداعية إلى إيجابه تخييرا حين القدرة على كلا الفعلين لا تتغير عما هي عليه حين امتناع أحدهما وإذا كانت لم تتغير عما هي عليه من الخصوصية المقتضية للوجوب التخييري لا يعقل ان يكون مقتضاها حين امتناع أحد الفعلين هو الوجوب التعييني إذ هو سنخ آخر من الوجوب لا ينشأ إلا عن مصلحة أخرى تسانخه.
ومما ذكرنا في بيان ملاك الوجوب التخييري يتضح لك السر في بعض الواجبات التوصلية بل التعبدية التي يسقط وجوبها عن المكلف بفعل غيره كتطهير ثوب المكلف بالصلاة والقضاء عن الميت على القول بصحة عمل المتبرع فإنه عليه يسقط وجوب القضاء عن الولي كما يسقط وجوب تطهير الثوب عن المكلف بالصلاة وذلك لان ملاك هذا النحو من الوجوب هو حصول الغرض بوجود الفعل في الخارج بلا دخل لخصوصية فاعله فيه غاية الأمر ان المورد اقتضى توجيه الخطاب إلى مكلف خاص كما يظهر ذلك
(٢٠٤)
مفاتيح البحث: الوقوف (1)، الموت (1)، الوجوب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»