كعدم الاحتياج أيضا إلى إتعاب النفس بجعل الموضوع فيه عبارة عن عناوين متعددة:
تارة الأدلة الأربعة فارغا عن دليليتها كما عن القوانين، وأخرى ذوات الأدلة الأربعة كما عن الفصول (قدس سره) كي يورد على الأول بلزوم خروج كثير من مهمات المسائل الأصولية كمبحث حجية الكتاب وحجية الخبر الواحد، وعلى الثاني بلزوم خروج مباحث الألفاظ طرا كالبحث عن أن الامر للوجوب والبحث عن العموم والخصوص والمطلق والمقيد والمفهوم والمنطوق أيضا، بل وخروج مبحث حجية خبر الواحد أيضا، نظرا إلى عدم كن البحث المزبور عن كون الامر حقيقة في الوجوب والنهي في الحرمة وعن العموم و الخصوص عن الأوامر والعمومات الواردة في الكتاب والسنة، وعدم كون البحث عن حجية خبر الواحد بحثا عن حال السنة الواقعية التي هي قول المعصوم وفعله وتقريره. وإرجاعه إلى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد كثبوتها بالمتواتر غير مفيد، من جهة ان البحث عن ثبوتها حقيقة ليس من عوارضها واما تعبدا فمن عوارض مشكوكها لا من عوارض السنة الواقعية.
كما أنه لا وجه أيضا لاتعاب النفس في تخريج الجامع الوحداني بين مسائله ببعض التكلفات. ولئن أبيت إلا من لزوم جامع في البين بين المسائل ولو بنحو المشيرية لكان الأولى هو ان يقال: بأنه القواعد الخاصة الواقعة في طريق استكشاف الوظائف الكلية العملية شرعية كانت أم عقلية، لان ذلك هو المناسب أيضا لما هو الغرض الباعث على تدوينها، وهو استنباط الاحكام والوظائف الفعلية.
ومن ذلك البيان ظهر الحال في تعريفه أيضا وانه لا وجه لما هو المعروف من تعريفه:
بأنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية، وذلك لما فيه من الخلل من جهات: تارة من جهة أخذ العلم في تعريفه مع أن العلم والفن كما عرفت عبارة عن نفس القواعد الواقعية الوافية بغرض مخصوص دون العلم والتصديق بها، بشهادة صحة إضافة العلم إليها تارة والجهل أخرى في قولك فلان عالم بالأصول وفلان جاهل به. وأخرى من جهة لفظ الاستنباط الظاهر في إرادة وقوع القواعد واسطة لاثبات الواقع وسببا للعلم به، فإنه حينئذ يلزمه خروج الأصول العملية كالاستصحاب وأصالة البراءة ونحوها عن مسائل الأصول مع أنها من أهم مسائله، من جهة ان مضمون هذه الأمور لا يكون إلا أحكاما ظاهرية منطبقة على مواردها، وقضية الاستنباط فيها انما كان عبارة عن مقام تطبيقها