ظهور للفظ حينئذ حتى يكون وراء الدلالة التصديقية دلالة أخرى تصورية، بخلافه على مسلك الوضع فإنه عليه يكون للفظ وراء الدلالة التصديقية دلالة أخرى تصورية ناشئة من قبل الوضع والجعل، وربما ينتج هذا المعنى في بعض المباحث الآتية كما في مبحث العام و الخاص.
وكيف كان فمن التأمل فيما ذكرنا ظهر أيضا بطلان ما أسسه على هذا الأساس من إنكار الجعل في مطلق الوضعيات والتزامه بان مثل الملكية والزوجية انتزاعية صرفة من الأحكام التكليفية، إذ نقول: بان في مثل قوله: الناس مسلطون على أموالهم، وقوله: لا يجوز التصرف في مال أحد بدون اذن صاحبه، لا يكاد يتم هذه المقالة لان جهة الملكية وإضافة المال إلى الغير حينئذ انما كانت مأخوذة في موضوع هذا الحكم أعني حرمة التصرف، ولازمه كونه في رتبة سابقة عنه كنفس المال كما هو الشأن في كل موضوع بالقياس إلى حكمه، وحينئذ نقول: بأن مثل هذه الإضافة بعد ما لا يمكن نشوؤها من قبل هذا الحكم التكليفي المتأخر عنها رتبة فلا بد وأن يكون نشوؤها ان من قبل حكم تكليفي آخر في رتبة سابقة عنها واما من قبل الجعل، والأول بديهي الفساد فإنه - مضافا إلى القطع بأنه لا حكم آخر في البين غير هذا الحكم المترتب عليها - يلزمه اجتماع الحكمين المتماثلين في نحو قوله: لا يجوز التصرف في مال الغير بدون اذن صاحبه، أحدهما في رتبة سابقة عن الإضافة والاخر في رتبة لاحقة عنها، وحينئذ فبعد القطع أيضا بعدم نشوء إضافة الملكية من مجرد جواز تصرف الانسان في شئ - بشهادة جواز تصرف كل شخص في المباحات الأصلية - يتعين الثاني من كون نشئها من قبل الجعل.
وكيف كان فبعد ما ظهر بطلان القول بالتعهد نقول: بان العلاقة والربط بين اللفظ والمعنى في الأوضاع التخصيصية كما يتحقق بالانشاء القولي من قول الواضع (جعلت هذا اللفظ لمعنى كذا) كذلك يتحقق أيضا بالانشاء الفعلي وبنفس الاستعمال قاصدا به تحقق العلقة والربط بينهما، كقولك عند تسميتك ولدك: جئني بولدي محمد قاصدا به حصول العلقة الوضعية بهذا الاستعمال، كما نظيره في المعاطاة التي هي انشاء فعلى لحصول الملكية لزيد، وعدم كون مثل هذا الاستعمال من الاستعمال في المعنى الحقيقي أو المجازي غير ضائر فيما نحن بصدده من تحقق العلقة والربط بمثل هذا الاستعمال. واما ما قد يقال: من امتناع ذلك من جهة استلزامه لمحذور اجتماع اللحاظين