فيخرج حينئذ أيضا مسائل العلوم الأدبية كالنحو والصرف بل اللغة أيضا. وتوهم استلزامه لخروج مثل مباحث العام والخاص أيضا مدفوع بأنها وان لم تكن واقعة في طريق استنباط ذات الحكم الشرعي الا انها باعتبار تكفلها لاثبات كيفية تعلق الحكم بموضوعه كانت داخلة في مسائل الأصول، كما هو الشأن أيضا في بحث المفهوم والمنطوق حيث إن دخوله باعتبار تكلفه لبيان إناطة سنخ الحكم بشي الذي هو في الحقيقة من انحاء وجود الحكم وثبوته، وهذا بخلاف المسائل الأدبية فإنها ممحضة لاثبات موضوع الحكم بلا نظر فيها إلى كيفية تعلق الحكم أصلا. ومن ذلك البيان ظهر وجه خروج المشتقات أيضا عن مسائل الأصول، حيث إن خروجها أيضا انما هو بلحاظ عدم تكفلها إلا لاحراز موضوع الحكم وانه خصوص المتلبس الفعلي أو الأعم، لا نفسه لا بذاته ولا بكيفية تعلقه بموضوعه.
نعم يبقى الاشكال حينئذ في خروج مسائل علم الرجال عن مسائل الأصول مع أنها كمبحث دلالة الألفاظ واقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي ولو بالواسطة من كون السند موثوقا به في شمول دليل التعبد له، ويمكن الاعتذار عنه بأن عدم تدوينهم إياها في الأصول حينئذ انما هو من جهة كثرة مسائلها الموجبة لافرادها بالتدوين وجعلها علما مخصوصا موسوما باسم مخصوص مستقلا عن الأصول، فتدبر.
الأمر الثاني في الوضع فنقول: انه بعد ما لم تكن العلاقة والارتباط التي بين الألفاظ ومعانيها ذاتية محضة بنحو يعفرها كل أحد، يبقى الكلام في أن لها أي للألفاظ نحو مناسبة لمعانيها توجب وضعها لمعانيها بحسب الارتكاز وان لم يلتفت الواضع تفصيلا إلى تلك المناسبة، أم لا؟ بل تمام العلقة والارتباط بينهما كانت حاصلة بالجعل وبوضع الواضع بعد ان لم تكن بينهما علاقة وارتباط أصلا حيث إن فيه وجهين: قد يقال بالأول وان الواضع حيثما يجعل لفظا لمعنى فإنما هو من جهة إلهام الباري عز اسمه) إياه بل ومن ذلك أيضا أنكر استناد الجعل إلى المخلوقين فقال: بان الجاعل والواضع في الألفاظ انما هو الباري عز اسمه) وانه سبحانه وتعالى يلهم كل طائفة ان يتلفظوا عند إبراز مقاصدهم بألفاظ خاصة مناسبة