مضافا، فان عنوان الحفظ المزبور والصحة المسطورة انما هو منتزع من تطبيق من يطبق القواعد المعهودة من كل علم على ما ينسب إليه الحفظ المزبور والصحة المسطورة، فالقواعد الواقعية في الحقيقة منطبقة على مواردها ومن هذا الانطباق ينتزع العنوانان، وإلا فالمؤثر في وجود الأعمال الصحيحة خارجا انما هو إرادة الفاعل لإيجاد الأعمال الصحيحة، وعلى ذلك فكانت القواعد الواقعية طرا طرفا لهذه الإضافة، وكان للحفظ المزبور أيضا جهات عديدة تترتب كل جهة على قاعدة من تلك القواعد بلحاظ مطابقتها معها، كما في صحة الصلاة مثلا وحفظها، حيث إن صحتها انما هي بلحاظ مطابقتها باجزائها وشرائطها لتلك القواعد المجعولة في باب الصلاة الراجعة بعضها إلى اجزائها وبعضها إلى شرائطها وموانعها، فمن مطابقتها بجهاتها الراجعة إلى اجزائها وشرائطها لمجموع تلك القواعد ينتزع عنها عنوان الصحة، كما أن من عدم مطابقتها لمجموعها ينتزع عنها عنوان الفساد، وهكذا الكلام في عنوان حفظ الكلام عن الغلط الذي جعل غرضا لعلم النحو، حيث إنه كان لعنوان الحفظ المزبور جهات عديدة وإضافات متعددة إلى كل قاعدة من قواعد الفن إضافة خاصة، وكان انتزاع عنوان الحفظ المسطور من مطابقة الكلام لمجموع تلك القواعد الواقعية، وحينئذ فإذا كانت القواعد الواقعية على شتاتها طرفا للإضافة بالنسبة إلى الغرض فلا جرم لا يكاد يكون دخلها في الغرض إلا بنحو دخل طرف الإضافة في المضاف بوصف كونه مضافا، لا دخلا تأثيريا، كما هو واضح.
نعم لو حصلت تلك القواعد وبلغت إلى مرحلة الوجود الادراكي ربما تصير في مثله سببا لحصول الغرض تارة وشرطا له أخرى، فإنه لو كانت القواعد من القواعد الفكرية كقواعد المنطق فما يترتب عليها حينئذ من صحة الفكر وصونه عن الخطأ كان قهريا، بخلاف ما لو كانت من غيرها كقواعد النحو والصرف فان ما يترتب عليها حينئذ انما كان مجرد الاقتدار على التكلم الصحيح والاستنباط الصحيح و الا فنفس التكلم الصحيح وتحققه في الخارج منوط بإرادة المحصل لها.
ثم إن ذلك أيضا في مرحلة تحصل تلك القواعد ذهنا، ولا فمع قطع النظر عن ذلك فكما عرفت لا سببية ولا مسببية بينهما بل لا يكون بينهما إلا مجرد الإضافة.
وعلى ذلك نقول بأنه إذا لم يكون دخل القواعد الواقعية في الغرض إلا من قبيل دخل طرف الإضافة كما شرحناه، لا من قبيل المؤثرية و المتأثرية فلا يبقى مجال كشف جامع