والتوبيخ والمشقة على الامر الاستحبابي أريد التمسك به لاثبات عدم كون الامر الاستحبابي من المصاديق الحقيقية للامر ليكون عدم ترتب اللوازم المزبورة عليه من باب التخصص والخروج الموضوعي لا من باب التخصيص، نظير ما لو ورد خطاب على وجوب إكرام كل عالم وقد علم من الخارج بعدم وجوب إكرام زيد لكنه يشك في أنه مصداق للعالم حقيقة كي يكون خروجه عن الحكم من باب التخصيص أو انه لا يكون مصداقا للعالم كي يكون خروجه من باب التخصص، ولكنه نقول بقصور أصالة العموم والاطلاق عن إفادة إثبات ذلك فان عمدة الدليل على حجيته انما كان هو السيرة وبناء العرف والعقلاء، والقدر المسلم منه إنما هو في خصوص الشكوك المرادية وهو لا يكون الا في موارد كان الشك في خروج ما هو المعلوم الفردية للعام عن حكمه، وحينئذ فلا يمكننا التمسك بالأدلة المزبورة لاثبات الوضع لخصوص الطلب الالزامي خصوصا بعد ما يرى من صدقه أيضا على الطلب الاستحبابي، كما هو واضح. هذا كله بالنسبة إلى الوضع.
واما الغلبة فدعواها أيضا ساقطة بعد وضوح كثرة استعماله في الاستحباب. ومن ذلك ترى صاحب المعالم (قدس سره) فإنه بعد ان اختار كون الامر حقيقة في خصوص الوجوب قال: بأنه يستفاد من تضاعيف أحاديثنا المروية عن الأئمة عليهم السلام ان استعمال الامر في الندب كان شايعا في عرفهم بحيث صار من المجازات الراجحة المساوي احتمالها من اللفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح الخارجي، فمن ذلك استشكل أيضا وقال: بأنه يشكل التعلق في إثبات وجوب أمر بمجرد ورود الامر به منهم عليهم السلام. وحينئذ فلا يبقى مجال لدعوى استناد الظهور المزبور إلى غلبة الاستعمال في خصوص الوجوب، كما هو واضح.
وحينئذ فلا بد وأن يكون الوجه في ذلك هو قضية الاطلاق ومقدمات الحكمة وتقريبه من وجهين:
أحدهما: ان الطلب الوجوبي لما كان أكمل بالنسبة إلى الطلب الاستحبابي لما في الثاني من جهة نقص لا يقتضى المنع عن الترك، فلا جرم عند الدوران مقتضى الاطلاق هو الحمل على الطلب الوجوبي، إذ الطلب الاستحبابي باعتبار ما فيه من النقص يحتاج إلى نحو تحديد وتقييد، بخلاف الطلب الوجوبي فإنه لا تحديد فيه حتى يحتاج إلى التقييد، وحينئذ فكان مقتضى الاطلاق بعد كون الامر بصدد البيان هو كون طلبه طلبا وجوبيا لا